بعد إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل من قبل النواب، ثم من اللجنة المالية في الأعيان، بتعديل هنا، وتعديل هناك... تكون الحكومة قد انهت قضية مشروع قانون ضريبة الدخل على القطاع الصناعي ( كآخر النقاط الخلافية بين المجلسين ) بتعهد واضح وصريح - وعلى لسان نائب رئيس الوزراء - بتعويض التخفيض بـ»حوافز».. وفقا لنظام منح حوافز ضريبية لقطاع الصناعة تصدره الحكومة قبل نهاية العام 2019.
القطاع الصناعي يشغّل 250 ألف عامل، ويشكل 24 ٪ من الناتج المحلي الاجمالي، ولا يمكن لهذا القطاع الاستمرار بأداء دوره دون حوافز تخفض الاعباء الثقيلة التي تواجهه من اغلاق ابواب الاسواق التقليدية في وجهه، ومن الغاء اعفاء الصادرات بنسبة 75 ٪ الذي سينتهي مع نهاية العام الحالي دون خطة بديلة، ومن التنافسية التي يواجهها المنتج الوطني نتيجة اغراق السوق المحلية بمنتجات مستوردة، وارتفاع كلف الانتاج، وغيرها من التحديات والاعباء التي يواجهها القطاع، وتتطلب دعما حكوميا وتشريعيا نيابيا، ومن كافة الجهات المعنية لما يشكله هذا القطاع من اهمية للاقتصاد الوطني، لا تقلل من اهمية كافة القطاعات الاخرى، لكنه الاهم وفقا للارقام التشغيلية والانتاجية والتصديرية.
اذا اردنا النهوض بالاقتصاد الوطني، وتنفيذ الخطط وصولا الى «دولة الانتاج» فلا بد من تحفيز القطاع الصناعي لكي يكون قادرا على القيام بدوره، والمساهمة في رفع معدلات النمو التي انخفضت الى نحو
2 ٪، واذا أردنا تخفيض معدلات البطالة التي ارتفعت الى نسبة قياسية نحو 18.5 ٪، فلا بد من حوافز للقطاع الصناعي الذي يشغل مئات الآلاف ويعوّل عليه كركيزة اساسية في القطاع الخاص لأنه يساهم الى جانب باقي القطاعات الاقتصادية بخلق فرص عمل تضاف الى الـ30 ألف فرصة عمل التي تعهدت بتوفيرها الحكومة في خطتها للعامين المقبلين.
واذا ارادت الحكومة رفع معدلات النمو فعليها بالقطاع الصناعي، واذا ارادت جذب مزيد من الاستثمارات فهذا القطاع في مقدمة القادرين على ذلك متى حظي بالحوافز والدعم اللازمين، واذا أرادت بناء مشاريع في المحافظات لتشغيل ابنائها فعليها بتحفيز القطاع الصناعي.
الحكومة تدرك كل ذلك، وتدرك أهمية القطاع الصناعي، وفي المقابل فإن القطاع الصناعي يدرك أهمية وضرورة انجاز مشروع قانون ضريبة الدخل للاردن، استمرارا في نهج الاصلاح الاقتصادي وفقا للتفاهمات مع صندوق النقد الدولي واستمرارا في مصداقية الدولة تجاه المانحين والمقرضين الاقليميين والدوليين، وقبل نهاية العام الحالي، لتكون الارقام مدرجة في موازنة 2019 وبما يحقق الوفر المستهدف ( 280-300) مليون دينار،... لذلك، وحتى تكتمل المعادلة، من المهم جدا أن تطمئن الحكومة الصناعيين عمليا وبحوار حقيقي يؤكد الشراكة ( الغائبة ) بين القطاعين، إسراعا بتوضيح تصوراتها وصولا الى نظام منح حوافز ضريبية لا ينقذ قطاع الصناعة فحسب، بل من أجل انقاذ الاقتصاد الوطني، وانجاح خطط الحكومة في الوصول الى «دولة الانتاج».