لم يستمتع الرئيس ترامب بمضمون وصفه لنتائج انتخابات مجلس الشيوخ وحكام الولايات ومجلس النواب ، على أنها « نجاح هائل « إذ ردت عليه النائب الديمقراطي نانسي بيلوسي بقولها « سوف يكون غداً يوماً جديداً في أميركا ، لأنه يتعلق باستعادة سلطة الدستور وضوابطه على إدارة ترامب « وهذا يعود لسبب فوز الديمقراطيين بالأغلبية البرلمانية في مجلس النواب وبالتالي إنهاء تفرد الحزب الجمهوري وسيطرته على المؤسسات الثلاثة : البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب ، ومثلما سبق وأن وضع الجمهوريون العراقيل طوال مرحلة الولاية الثانية للرئيس الديمقراطي أوباما منذ العام 2012 ، سيضع الديمقراطيون حائط صد لقرارات الرئيس ترامب وسياساته في القضايا التي لا يقبلون بها وتتطلب التشريع الملائم عبر مجلس النواب .
انتخابات السادس من تشرين الثاني 2018 ، حققت للرئيس الحفاظ على الأغلبية الجمهورية لدى مجلس الشيوخ ، ولدى حكام الولايات ، ولكن نتائج انتخابات مجلس النواب جاءت بعكس ما يتمنى وأعطت للديمقراطيين الأغلبية وهي بمثابة إنقلاب وحدث نوعي سيؤثر على مسار ما تبقى من عمر إدارته للسنتين المقبلتين ، وهذا ما يُفسر نشاطه المكرس قبل الانتخابات لخدمة مرشحي حزبه للمؤسسات الثلاثة : الشيوخ وحكام الولايات ومجلس النواب .
أهمية مجلس الشيوخ أن صلاحياته حجب أو منح الثقة لخيارات الرئيس نحو تعيين كبار المسؤولين من الوزراء والقادة والسفراء وقضاة المحكمة العليا ولذلك سيكون مجلس الشيوخ عوناً له في إختيار معاونيه ، وأهمية مجلس النواب تكمن في أنه مصدر التشريع للدولة الفدرالية وللمؤسسات الاتحادية المركزية ، كما أن مراقبة عمل الوزراء وبرامجهم يعتمد على متابعة لجان الاختصاص البرلمانية القانونية والشؤون الخارجية والعدل والتربية والموازنة وغيرها من العناوين والاهتمامات المنبثقة من أعضاء مجلس النواب ، ولذلك سيبقى ترامب مقيداً ، وسيترك النواب أثارهم السلبية على فرصته لتجديد انتخابه لولاية ثانية عام 2020 .
سياسات ترامب ونهجه العنصري في التعامل مع الملونين والمهاجرين الجدد والعداء للمسلمين وحتى لليهود وللمرأة ، تركت بصماتها لشروخ بائنة لدى المجتمع الأميركي ، فجاء الرد بنجاح مائة إمرأة لدى مجلسي النواب والشيوخ ، ونجاح الفلسطينية رشيدة طليب في ميتشغان والصومالية إلهام عمر في مينيسوتا المتوقع منهما العمل بقوة وعلناً لصالح رمزية القضايا التي تمثلانها ، ولهذا وجد اليمين الأميركي المتطرف العنصري منه والمتصهين أن نجاحهما مساس بالأمن الأميركي.
المجتمع الأميركي لا يهتم بالسياسة الخارجية على الأغلب ، وهذا أعطى إلى اللوبيات فرص العمل لصالح قضاياهم وخاصة اللوبي الصهيوني المتنفذ الذي لم يجد من يردعه ، بغياب لوبي عربي إسلامي يعمل لصالح القضايا العربية والإسلامية ، ونجاح أول نواب من المسلمين لعضوية مجلس النواب فاتحة وخطوة أولى على الطريق خدمة لقضايا العرب والمسلمين لدى مؤسسات أقوى دولة في العالم .