لست أبالغ حين أقول بأن حملة «صُنع في الأردن» التي انطلقت منذ نحو خمس سنوات، وتحديدا عام 2013 في غرفة صناعة عمان، تعد من أنجح الحملات تحقيقا للانجازات على أرض الواقع قياسا بصعوبة تحقيق الأهداف في ظل التراجع العام في معدلات النمو، والتحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة عموما، و التي يواجهها القطاع الصناعي على وجه الخصوص.
لذلك فإن «حملة صنع في الأردن» هي قصة نجاح وطنية، استطاعت أن تحقق أهدافها في زمن قياسي، خاصة وأنها تتعامل مع سلوكيات متوارثة، وثقافة متراكمة في أذهان كثيرين، تقوم على موروث «كل افرنجي برنجي»، ولم يكن من السهل أبدا تغيير هذه السلوكيات أو الثقافات بسهولة في سنوات معدودات، وبإمكانيات متواضعة ( أقل بكثير مما قد تدفعه شركة على ترويج منتج واحد فقط !)، وكل ما يدعم نجاح هذه الحملة ارادة وقناعة القائمين عليها، رئيسًا وأعضاء، وإيمانهم المطلق بأهمية «الرسالة» و»الرؤية» التي يتطلّعون لتحقيقها لأنها تمسهم أولاً كصناعيين معنيين بترويج منتجهم الوطني، وتمسهم ثانيًا كمواطنين معنيين بجودة هذا المنتج الوطني.
حملة «صنع في الأردن»، حملة تمكّنت خلال سنوات معدودة، من إعادة الكثير من الثقة بالمنتج الأردني، والأدلة على ذلك نشاهدها عيانًا من خلال تصدر المنتجات الوطنية الغذائية أرفف المؤسسات الاستهلاكية المدنية والعسكرية، وأرفف المولات والأسواق.
إضافة للتطور الإيجابي في قناعات المستهلكين بالمنتجات الوطنية في القطاعات الصناعية الأخرى: الكيماوية، والعلاجية، والهندسية، والجلدية، والخشبية، والتعبئة والتغليف، والانشائية، والبلاستيكية، والتعدين... وكل هذه القطاعات باتت منافسة ليس فقط على الصعيد المحلي بل والاقليمي والعالمي، وأخص بالمثال هنا قطاعي التعدين (الفوسفات والبوتاس) والأدوية الأردنية التي تغزو أسواق العالم بجودتها وكفاءتها.
باقي القطاعات لا تشكو أبدا من الجودة، ولكنها تعاني الأمرين من تحديات، عملت وما زالت حملة «صنع في الأردن»- تعمل على دعمها والتخفيف ما أمكن من مشاكلها وفي مقدمة المشاكل المنافسة غير العادلة التي تواجهها الصناعة الوطنية من المنتجات المستوردة، كما أصبحت كثير من الوزارات - وبفضل حملة «صنع في الأردن» - تولي المنتج الوطني الأولوية في العطاءات الحكومية.
«حملة صنع في الأردن» استطاعت رفع سوية الصناعة الوطنية، وتعزيز قدراتها التنافسية في الأسواق المحلية، وحتى في الأسواق التصديرية، وحضورها في المحافل العربية والعالمية في السنوات الأخيرة كان مشجعا ولافتا من خلال تواجدها في المعارض العالمية وتمكنت من خلال ما تم ابرامه من اتفاقيات من فتح أسواق جديدة لها علّها تعوض جزءا مما فقدته من أسواق مجاورة.
لقد نجحت حملة «صنع في الأردن» الى حد كبير بتحقيق أهدافها الرئيسة القائمة على تعزيز ثقة المواطن الأردني بالمنتجات الوطنية، وتغييرالنمط الشرائي للمواطن الأردني، كما جعلته يقبل على شراء المنتجات الوطنية بدلا من المستوردة، وتنمية الحس الوطني لدعم الاقتصاد المحلي وتحفيز الصناعة الأردنية على استمرارية العمل لتطوير المنتجات، حتى تكون مقنعة للمستهلك لدعمها.
كما نجحت الحملة في تنفيذ خطتها الترويجية من خلال محاورها الأربعة القائمة على: الدعاية والاعلان عبر كافة الوسائل الاعلامية والترويجية والمعارض والمسابقات وغيرها، والزيارات الميدانية للمدارس والجامعات وغيرها، واللقاءات وورش العمل، اضافة الى شعار «صنع في الأردن» الذي أصبح ببساطته ورقيّه راسخا في أذهان المستهلكين على أنه رمز الجودة للصناعة الوطنية.
شكرًا للقائمين على هذه الحملة وفي مقدمتهم المهندس موسى الساكت المشرف العام على هذه الحملة، ولجميع أعضاء اللجنة العليا وأعضاء اللجنة التنفيذية، ونحو مزيد من النجاحات.