تتفاوت التقديرات حول عدد المطلوبين أمنيا لنظام الاسد في دمشق، وتصل في بعضها الى اكثر من مليون سوري، تم ادراج اسمائهم، على قوائم المطلوبين، المهددين بالاعتقال، حال عودتهم.
مئات الاف السوريين، مثلا، فروا من خدمة العلم، في سوريا، وسواء فروا داخل سوريا، او الى الاردن ولبنان وتركيا، ودول اخرى في اوروبا، مع عائلاتهم، فإن هؤلاء لن يعودوا الى سوريا، خوفا من معاقبة النظام لهم، خصوصا، ان هناك عقوبات مالية، وعقوبات بالسجن، ومع هؤلاء مئات الالاف او اكثر، ممن كان لهم علاقة بالمعارضة السلمية، سواء تلك المنظمة، او حتى عبر التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يرصدها النظام، وبطبيعة الحال اولئك المطلوبون على خلفية المعارضة المسلحة، ودعمها او تمويلها او حتى المشاركة فيها.
نحن نتحدث هنا، حصرا، عن المطلوبين لاعتبارات مختلفة، ولا نتحدث عن السوريين الذين لا يريدون العودة لاعتبارات سياسية، او اقتصادية، او لرغبتهم بالانتظار حتى تنجلي الصورة.
كيف يمكن للروس ومعهم نظام دمشق الرسمي، ان يؤسسوا لمراكز في دول جوار سوريا، لمساعدة السوريين بالعودة، وهم يدركون مسبقا، ان هناك مخاوف بين السوريين، على خلفيات متنوعة، دون ان يقدم النظام على اعلان مبادرة كبرى للعفو، بشكل مختلف، تجعل كل السوريين، يعودون الى بلادهم، دون وجل او خوف، من وجود اسمائهم في القوائم السوداء للنظام السوري، الذي ايضا امام الملف الاخطر لاولئك الذين اختفوا، ولا يعرف احد شيئا عنهم، فوق الذين قتلوا او تم تعذيبهم؟!.
الذي يتعامى عنه العالم، ان الحض على العودة، وتداول احصائيات وارقام، حول الذين عادوا الى سوريا، او الذين قد يعودون، يخفي خلفه، اشكالات كبرى، تجعل العودة ذاتها متاحة لقلة قليلة جدا، خصوصا، ان المخاوف هنا، تتعلق ايضا بجوانب سياسية، واقتصادية، ومذهبية، وامنية، اضافة الى ما يتعلق بالموانع الامنية المرتبطة بوجود مئات الاف السوريين في قوائم المطلوبين للنظام لاعتبارات مختلفة.
لو كان الرئيس السوري بشار الاسد، يريد عودة السوريين، ويريد انهاء الازمة السورية، من حيث ظلالها في العالم، ودول الجوار، لتغيرت معادلات كثيرة، من معاملات تجديد جوازات سفر السوريين، ومدتها، مرورا بالغاء قوائم المطلوبين كليا، ومنح كل سوري مأمنه، اضافة الى استعادة البيئة السورية القديمة، بتنوعها، دون محاذير مذهبية، او ثأرية لبيئة ما بعد الحرب، اذا توقفت الحرب كليا في سوريا.
بدون كل ما سبق، فإن شبهات اعادة رسم سوريا، ديموغرافيا، بشكل جديد، ستبقى شبهات قائمة، وهي شبهات لا يمكن ان تزول بشكل فردي، ما لم يقدم النظام ضمانات صادقة، تحمي السوريين في عودتهم، الى بلادهم.
الدستور