صدق توقع السفير الخبير الدكتور نيكولاوس فان دام في كتابه «تدمير أمة - الحرب الأهلية في سوريا» بأن تستمر الحرب حتى يتمكن أحد الأطراف من السيطرة الكاملة، مرجحاً أن يكون هذا الطرف هو نظام الرئيس بشار الأسد.
ويتوقع صديقي فان دام أن تكون محافظة إدلب الشمالية الغربية من المناطق التالية التي ستشهد حرباً شعواء. وان هدف النظام السوري لم يتمثل في إبعاد الميليشيات المهزومة وعائلاتها إلى إدلب للتفاوض معهم على تسوية سياسية لاحقاً، بل في القضاء على هذه الميليشيات كليا.
ويرى فان دام ان استمرار نظام الأسد سيصب في مصلحة إسرائيل، وقد تتمثل نقطة الانطلاق بين الجانبين في هدوء الجبهة السورية - الإسرائيلية في الجولان منذ اتفاق فك الارتباط في عام 1974.
وكان صديقي الشهيد ناهض حتر قد كتب في 17 تموز 2012 : «الدولة السورية والنظام السوري برئاسة الأسد، باقيان في المدى المنظور، فلا تقسيم ولا تنحي».
ونعود الى نقطة البداية كي نفهم نقطة النهاية. تفيدنا هنا الاسرار التي كشفها حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق بقوله لفضائية «بي بي سي» : اصبح أمراء التنظيمات المسلحة من أصحاب الملايين. وكانت عمليات الانشقاق في صفوف الجيش السوري تجري بإغراءات مالية؛ فالعسكري العادي الذي ينشق منهم كان يحصل على 15 ألف دولار والضابط على 30 ألف دولار.
وقال إن انشقاق رياض حجاب رئيس الوزراء السابق، تم مقابل مبلغ 50 مليون دولار أميركي، وكذلك انشقاق قائد الحرس الجمهوري السابق في سوريا مناف طلاس تم بالتنسيق مع المخابرات الفرنسية.
وقال إن ما أنفق على الحرب في سوريا تجاوز 137 مليار دولار!! وان الولايات المتحدة الأميركية خصصت ستة أقمار اصطناعية للتجسس تمد غرفة العمليات بأدق التفاصيل والصور على مدار 24 ساعة في اليوم.
ويبين بن جاسم: لقد بدأنا بالتحضير لسوريا عام 2007 أي بعد هزيمة إسرائيل في جنوب لبنان بدعم من سوريا!! ويختم: «فلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها».
لم تكن هزيمة النظام المتماسك ممكنة بسبب وقوف كتلة صلبة امامه تتكون من كل الأقليات السورية يقدرعددها بنحو مليوني مواطن تملك الجيش والمخابرات والاقتصاد والمال والدبلوماسية والدافع الكامل للمقاومة، يضاف اليها الدعم الروسي والدعم الإيراني الحاسمان، وبروز طوف النجاة المتمثل في الإرهاب الذي جعل العالم يعتمد الشعار الاستراتيجي الذي رفعه الملك عبدالله الثاني عام 2014: «داعش قبل الأسد». في مواجهة قوى مسلحة مشتتة متصارعة مبعثرة تتراوح بين الطهارة والنجاسة.
راحت على شعب سوريا العظيم الذي اصبح بين قتيل ومصاب ومهاجر ومطارد ومعتقل ومفقود ونزيل المقابر الجماعية.
شعب سوريا العظيم سينهض وسيتعافى اقتصاديا وماليا وتجاريا وزراعيا وعمرانيا، ويظل الرهان الكبير على النظام السياسي الذي بيده توفير مناخ التسامح والمصالحة والعفو عند المقدرة ليتعافى شعب سوريا العظيم امنيا ولتصبح الظروف مناسبة لعودة المهجّرين الى ديارهم.
الدستور