ي ثمانينيات القرن الماضي، استضافت القوات المسلحة الأردنية 'الجيش العربي' المطربة اللبنانية والعربية الكبيرة فيروز، لتعرض أول مرة مسرحيتها الشهيرة 'بترا'. حظيت الزيارة باهتمام إعلامي كبير، وجرى تكريم الفنانة فيروز من قبل قائد الجيش وكبار المسؤولين.
لست في معرض المقارنة بين أيقونة الشرق فيروز والفنانة أحلام، وعلى المستوى الشخصي لم أذكر أنني بحثت عن أغنية لها، لكني أعلم، مثل كثيرين، أن لها معجبين بالملايين في العالم العربي، ومثلها مثل المشاهير تؤثر بمتابعيها، وتعد منصاتها الإلكترونية وسيلة ممتازة للترويج السياحي والإعلامي.
وفي مناسبات مماثلة، كان لقدوم مشاهير من العالم لزيارة البترا والمواقع السياحية الأردنية أثر إيجابي كبير في سوق السياحة العالمي. وعندما قدم نجوم كبار من هوليوود لتصوير أفلامهم في منطقة وادي رم الساحرة، نال الأردن إعجاب الملايين حول العالم، وتحول الوادي الجميل لمحطة سياحية للآلاف من الشبان الأجانب.
لقد تطلب جذب السمعة الطيبة للأردن نشاطا متواصلا، وتسهيلات كان لا بد من تقديمها لطواقم الأعمال السينمائية، انعكست مكاسب على الدخل السياحي وصورة الأردن في عيون شعوب العالم.
وليست المرة الأولى التي تحمل فيها مروحيات أردنية ضيوفا من المشاهير والزعماء للقيام في جولات سياحية وزيارة مواقع تمثل إرثا حضاريا نفخر فيه. وسواء كانت رحلة المطربة أحلام مدفوعة -المنظمون أكدوا ذلك- أم لا، فإن مردودها الإيجابي يفوق كلفتها، ولا ينتقص من هيبة مؤسساتنا.
لا يمكننا في الوقت الحالي تقدير المردود الإيجابي لزيارة أحلام على القطاع السياحي ومدينة البترا تحديدا. لكن تذكرون جميعا الفيديو الذي صوره سائح سعودي لغابات عجلون وربيعها الخلاب ماذا حقق من مشاهدات، وكم من العائلات الخليجية قصدت المكان، حتى تحول لقبلة سياحية لأشهر عدة.
إذا كنا نريد لبلادنا أن تنال نصيبها وحقها المشروع من السمعة والشهرة العالمية، فعلينا أن نواكب الدنيا من حولنا، ونتعامل مع أنماط ثقافية سائدة ومسيطرة حتى وإن لم نستسغها في ثقافتنا الأردنية.
دول كثيرة في العالم تنشد موقعا على خريطة العالم، تدفع الأموال من أجل إقناع المشاهير لزيارتها، وترتب لهم برامج استثنائية لزيارة معالمها الحضارية والثقافية، على أمل أن تحظى بلقطة أو تعليق من الفنان على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكم مرة نحن هنا في الأردن تملكنا الفخر عند مشاهدة صورة لنجم رياضة أو سينما عالمي في موقع أثري أردني، أو حين يجود علينا بعبارة ثناء، وفي المقابل كم كنا نشعر بالغضب والخجل حين يغادرنا ضيف مشهور أو حتى سائح عادي بانطباعات سلبية، فنصب جام غضبنا على الجهات التي قصرت في العناية بمرافقنا السياحية أو أساءت معاملة الضيف.
لو كنت مكان الفنانة أحلام، وبعد كل هذا الجدل الذي دار على رحلتها للبترا، للعنت اليوم الذي قدمت فيه للأردن وزيارة البترا.
الغد