د. أيّوب أبو ديّة
فيما يتعلق ببند هيئة الطاقة الذرية الأردنية المذكور في صفحة (10) من التقرير، فمن الخطأ العلمي القول أن استخدامات الطاقة النووية الذرية هو لتحلية المياه، فكل أنواع الكهرباء تقوم على تحلية المياه وهذا نوع من الدعاية للطاقة النووية غير مقبول في العالم المتحضر. فلماذا في الصفحة نفسها يقال "استغلال الصخر الزيتي لإنتاج النفط وتوليد الكهرباء" ولا يضاف إلى الكهرباء هنا أيضاً مهمة تحلية المياه للمجالات الزراعية والطبية والصناعية؟
إن أحد أسباب الرفض الشعبي للمشروع النووي الأردني هو ربط بنود التنقيب عن اليورانيوم بإنشاء المحطات النووية. إذ يتحدث التقرير في صفحة (23) عن "توفر 40 ألف طن من اليورانيوم كحد أدنى في الطبقة السطحية فقط في منطقة وسط المملكة"؛ فهذا التصريح إشكالي لأن المسألة ليست بأطنان اليورانيوم بل بحد القطع Cut-off Grade، والحديث بغير هذه اللغة يشكل اما أغلوطة معرفية أو تمويها.
كذلك فإن أحد أسباب انعدام الثقة هو تصريح الهيئة المتكرر منذ عام 2008 بأنها سوف تبدأ ببيع 2000 طن من الكعكة الصفراء سنوياً ابتداء من عام 2012، ولكن لغاية اليوم لم يستطيعوا استخلاص سوى كيلو غرام واحد من الكعكة الصفراء في المختبر علماً بأن ثمن هذا الكيلو لا يتجاوز 30 ديناراً في السوق العالمي. ولغاية الآن لم تصدر دراسة الجدوى الاقتصادية أو تقييم للأثر البيئي، هذا علماً بأن أستراليا لديها ربع احتياطي العالم من اليورانيوم وليس لديها مفاعل واحد ينتج الكهرباء، وسنوياً تتشقق العوازل الموضوعة في أرضيات المناجم وتتسرب المياه السطحية الملوثة إلى المياه الجوفية وتلوث الطبيعة من حولها.
لذلك المطلوب هو وضوح وشفافية ودقة حيث في صفحة (24) يشار أن الأردن بدأ يتحدث مؤخراً عن مفاعلات نموذجية صغيرة ذات تكلفة أقل. من قال أن التكلفة أقل؟ صحيح أن تكلفة الإنشاء أقل، لكن سعر الكهرباء أعلى وهي تكنولوجيا غير مجربة بما يكفي وفيها ما يكفيها من المشكلات الفنية وبالتالي لن تكون مشروعاً اقتصادياً أو آمناً.
ويصرح التقرير أن الإعلام لم ينجح في أن يكون طرفاً محايداً أو أن يقوم بدور الباحث عن الحقيقة، وهذا صحيح لأن الإعلام الرسمي كله موجه نحو خدمة الهيئة وحرمان المعارضة من تقديم وجهة نظرها بينما يظهر على التلفاز الوطني "خضره وزعل" باستمرار لزف بشرى الكهرباء الرخيصة للشعب الأردني تزويرا للحقائق.
كذلك استطاعت هيئة الطاقة الذرية الأردنية أن تنفرد بطلبة المدارس لترويج الطاقة النووية بينما لم تستطع المعارضة تحقيق ذلك بالحديث عن ميزات مصادر الطاقة المتجددة النظيفة حتى عندما كان دولة الرئيس المحبوب وزيراً للتربية والتعليم.
ونأمل أيضاً أن تتم صياغة صفحة (24) لتصبح أكثر موضوعية لأن القول أن صوت معارضي المشروع جاء بناء على معلومات أولية غير متخصصة هو أغلوطة أيضاً، فمن ضمن المعارضين مهندسون نوويون متخصصون اشتغلوا في الهيئة نفسها وفي الولايات المتحدة لفترة طويلة.
أما القول أن الظروف السياسية داخل الأردن لم تساعد الهيئة على خوض هذه المعارك ضمن شروط عادلة، فأغلوطة أخرى غير مقبولة لأن العكس هو الصحيح تماماً وقد أطلقوا تصريحات رنانة على لسان الدولة، وما فتئوا، وذلك في ظروف أمنية حساسة كان ينبغي عليهم التزام الصمت بدلاً من الثرثرة وإثارة مشاعر الناس واستفزازهم.//