لم يلبِ بيان حكومة الدكتور الرزاز طموح النواب، لم يأتِ على برامج حل لأزمات البلاد، في الفقر والبطالة.
هذا ما قاله النواب، تعقيباً على بيان حكومة الدكتور الرزاز، لم يقل الرزاز إنه يريد استخراج النفط، ولا جلب كل الفاسدين وتعقبهم، ولا وقف العطاءات المشبوهة ولا التحقيق في شبهات التوفل في مركز الاختبارات الوطني وتورط بعض أساتذة الجامعات فيها، والتي قد تكون من اكبر قضايا الفساد المنظورة حاليا في هيئة مكافحة الفساد.
لم يقل الرزاز إنه سيخفض سعر الخبز، بل إن الخبز لم يرد كفرده في خطابه، فجلّ ما قاله الرزاز في بيت النواب هو منظور خبير تنموي لوطن اكلت اقتصاده الوعود وضغوط الهجرة وحرائق الإقليم والفساد والغنائم.
أطلّ الرزاز على النواب كخبير تنموي، يعرف معنى قهر المواطن وغياب العدالة، وبؤس الخدمات، ومعنى الغضب الشعبي، واستند لكتاب التكليف السامي واستحضر ابن خلدون في مفهوم الدولة وفي سياق ضيق هو الجباية التي تأتي بالمال والمال الذي يوظف الجند ويدير الحكم.
كان الرزاز بطل نفسه، وبيانه، وأخلاقه السياسية العالية، ومثاليّته في التفكير، والتي قد تصطدم مع الواقع المر، ومسامير الصحن من المحافظين، فتتغير بين ليلة وضحاها كل آماله، فكان للنواب التعقيب.
لم يعجب النواب البيان، هم يريدون الظهور كثوار ولو متأخرين، وقميص عثمان عندهم تشكيلة حكومية وعدهم الرزاز بعد التكليف بانه لم يأت إلا بحدود ستة وزراء من حكومة سلفه الملقي، هنا يريد النواب استعادة الجمهور فسيطالبون الرجل بالتزام مقابل الثقة والالتزامات ستشكل مطالب نيابية اغلبها لا يحتاج إلا قرارات مجلس وزراء لتنفيذها.
هنا سيحتار الرزاز، لكنه لن يبعث برسائل تهدئة وسوف يصعد من لغته السياسية، ويعود للشارع، فيغرق النواب الذين لديهم اطمئنان بإتمام مدة مجلسهم العاجز تاريخيا عن اسقاط الثقة بوزير فكيف بزحزحة حكومة أقل ما فيها أن رئيسها جاء من خارج الصندوق التقليدي، وبعد انتصار الشارع لأجل التغيير وبمباركة الملك.
النواب مع الرزاز سيمارسون في الثقة بلاغة الخطاب، سيمارس هو مهارة الصمت والنفس الطويل، لم يرد بخطاب موازٍ يذكر بكتاب والده الشهير معالم الحياة العربية، والذي كان أجدى به أن يقتبس منه في خطاب الثقة بدل أن يقتبس من ابن خلدون نموذج المثقف الانتهازي ابن دولة الاستبداد.
كان منيف الرزاز في كتابه معالم الحياة العربية الجديدة والذي صدر عام 1953 وبعد ثورة يوليو بعام منظرا حقيقيا لمعنى الحريات والحقوق السياسية، التي جاءت بابنه رئيسا لحكومة اضطرار، حمل بيانها خمس مرات تكراراً لمفردة الحرية، والعدالة والفساد تسع مرات.
أمس كان الرزاز وبعد أقل من شهر على شبه ثورة وطنية اردنية ايدها الملك ضد الفساد وغياب التنمية والجوع والفقر، مؤمناً بالتغيير، لكنه كان يرى أمامه أفقاً ضيقاً، فالبيان الذي ألقاه لن يتكرر كفرصة ومنصّة، كان الرجل مليئاً بالأمل، ومقيدا بظرف وراهن اقتصادي كله مطبات وتحديات بعضها ظاهر وبعضها تحت الثلج.
النواب سيجدون بالرزاز وحكومته فرصة لاستعادة الجمهور، فيما الرزاز سيخوض تجربة جديدة في مسار التصعد الذاتي الذي مر به منذ ثماني سنوات حين اطل على الأردنيين بقانون الضمان وتحديث مؤسسته لتجنب كارثة الإفلاس المستقبلي.
اليوم الرزاز صاحب الولاية العامة لحكومة الأردن. فهل يحقق لنا وعدا حكوميا واحدا منذ ثمان سنوات عجاف وعدنا بها ومنها: ضرب الفساد ووقف تنامي الفقر والبطالة وجلب الاستثمار ووقف تراجع التعليم وتضخم القطاع العام وتراجع الخدمات.
إن فعل وعداً واحداً، سوف نرمي موكبه بالورد، وإن فَعلَ فِعلَ أسلافه سيكون مجلس النواب بطلا من ورق أما حكومة الفرصة الأخيرة.
الدستور