لعب الأردن دورا بارزا في الاتفاق الذي أنجزه عسكريون روس مع ممثلي الفصائل المسلحة في الجنوب السوري، وأفضى إلى سيطرة الجيش السوري على معبر نصيب الحدودي مع الأردن من دون مقاومة تذكر.
الفصائل المسلحة سلمت بالأمر، ووافقت على تسليم أسلحتها الثقيلة على دفعات، مقابل انسحاب القوات السورية من بعض البلدات لحساب إدارات مدنية محلية، وترحيل أفراد الجماعات الرافضة لوقف إطلاق النار شمالا صوب إدلب.
وعلى طول الطريق المحاذي للحدود السورية مع الأردن، انتشرت وحدات من الجيش السوري والشرطة العسكرية الروسية، استنادا للتفاهمات المبرمة.
ما تزال هناك مناطق واسعة في الجنوب الغربي تحت سيطرة الفصائل المسلحة مثل مدينة نواه ثاني أكبر مدن محافظة درعا. أنظار الجيش السوري تتجه صوب تلك المناطق التي يسيطر تنظيم داعش الإرهابي على جزء صغير منها. لكن الأهم من ذلك امتدادها نحو الحدود مع هضبة الجولان السورية المحتلة.
من المفترض أن تستكمل القوات السورية انتشارها في الغرب والجنوب الغربي، وربما نشهد مثل هذه الخطوات بعد زيارة نتنياهو إلى موسكو الأربعاء المقبل ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بهذا المعنى، فإن العملية العسكرية في الجنوب الغربي لم تكتمل بعد، وتتطلب تفاهمات سياسية إقليمية لإنجازها. لكن القيمة الرمزية للعملية تحققت بسيطرة الحكومة السورية على معبر نصيب الحدودي بعد ثلاث سنوات على إغلاقه إثر سيطرة الفصائل المسلحة عليه.
السؤال حول موعد فتح المعبر بين البلدين سيحتل مكان الصدارة في السجالات الداخلية خلال الأيام المقبلة.
الجانبان السوري والروسي يحتاجان إلى بعض الوقت لترميم الموقع، ومن المستبعد قبل ذلك أن تفاتح الحكومة السورية الجانب الأردني بموضوع المعبر.
الأولوية بالنسبة للأردن في الوقت الحالي، تسوية ملف النازحين المرابطين بعشرات الألوف على الحدود بين البلدين، وضمان عودتهم إلى ديارهم القريبة في درعا بأسرع وقت ممكن.
وفي المرحلة الأولى، ستنحصر الاتصالات بين الطرفين بالمستويين العسكري والأمني، لتأمين المناطق على امتداد الحدود بين البلدين، وقد نشهد اجتماعات ثنائية على هذه المستويات، تستكمل ما كان قائما من اتصالات ميدانية وعسكرية.
لقد أفرزت الأزمة السورية ملفات ثنائية شائكة بين الأردن وسورية، فإذا ما وضعنا جانبا الجمود السياسي والدبلوماسي، والحاجة لمرحلة انتقالية لتجاوزها، هناك حزمة من القضايا الكبرى التي تحتاج لتسويات في مقدمتها وجود ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري على الأراضي الأردنية، بينهم أو فوقهم عشرات الآلاف من الأطفال السوريين المولودين بدون سجلات توثيقية.
الأردن يرغب بوضع خطة مشتركة تضمن عودتهم جميعا إلى بلادهم، وهذا يقتضي ترتيبات تفصيلية لتحقيق هذه الغاية.
بالتزامن مع ذلك، يمكن أن يدشن البلدان مرحلة أولى في العلاقات تبدأ بفتح المعبر أمام حركة البضائع، ثم البحث لاحقا في إمكانية حركة المسافرين، ضمن قيود صارمة، تحول دون هجرة سورية نحو الأردن، خاصة في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة.
إحياء العلاقات الأردنية السورية يمكن أن يبدأ في وقت قريب، لكن عودتها إلى سابق عهدها تحتاج لبضع سنوات.
الغد