الطلاق العاطفي
د.محمد طالب عبيدات
الطلاق العاطفي أو الإنفصال الصامت بين الأزواج تحت سقف واحد مع بُعد المسافات العاطفية بينهما بات ينتشر هذه الأيام كثيراً، حيث الجمود في المشاعر النبيلة والعواطف والتفاهم ولغة الحب والأحاسيس المرهفة وتلاشي وإضمحلال الشراكة الزوجية، لكنهما في ذات الوقت يحافظان على شكلهما الأسري ومنظر علاقتهما بين الناس للسُترة، وتبقى أمور شكلية بحتة تجمعهما كالأمور المادية وجملة من الإلتزامات الإجتماعية الصرفة، بيد أن دائرة التنافر الروحي والتّضاد النفسي تنتشر كالنار في الهشيم:
1. مظاهر الطلاق العاطفي تكون بخلو العلاقة الزوجية من مظاهر التجديد، وعدم إرتياح أحدهما أو كليهما بالبقاء بالمنزل، وتراجع طابع التجديد، وخلو الحياة الزوجية من الحوار وإستبداله بالتضجّر، وضعف العلاقة الجنسية والحميمة بينهما، والإحساس بالخمول تجاه الآخر، وغيرها.
2. أما أسباب هذه الظاهرة المقلقة فتتلخص بصمت الأزواج التدريجي، وطغيان الروتين وغياب الوضوح والصراحة والكبت وضغوطات الحياة وتراكم المشاكل العاطفية، وإنشغال الزوجات بتربية الأولاد وإنشغال الأزواج في العمل والأمور الحياتية الأخرى، وعدم فهم مشاعر كل للآخر، وربما دخول شخص خارجي بينهما أو تعلّق الزوجة بأهلها وصاحباتها أكثر من زوجها، أو عدم إهتمام الزوجة بنفسها أو الزوج بنفسة أمام الآخر، وغيرها.
3. جملة الحلول للطلاق العاطفي تأتي بتفهّم كل للآخر وإعطاء الوقت الكافي للحوار الدافيء والحديث العاطفي بينهما، لكن يجب أن يكون ذلك قبل فوات الأوان من إحتدام المشاكل العاطفية أو الوصول لحالة اليأس والجمود والروتين أو الكَبَرْ الزماني.
4. تغذية المشاعر العاطفية بين الأزواج وتعميق لغة الحوار بينهما، وخلق بيئة الإنسجام العاطفي وحياة التجديد وتجديد الحياة وخروجها عن الروتين والرتابة اليومية، وإزالة حواجز الصمت المطبق، والتخلي عن مشاعر البرود العاطفي، وإهتمام الزوجين كلّ بالآخر، كلها بالطبع تُغذّي لغة المحبّة بين الأزواج وتُبعد شبح الطلاق العاطفي.
5. اللمسات الرومانسية وإشباع العواطف بين الأزواج، وإذابة مشاعر التردد والوجل بينهما كلها عوامل تدفع بإتجاه إعادة الحياة الزوجية لمسارها المُتجدد والصحيح.
6. قديماً قيل 'خشب البيوت مستّر على الناس' وفعلاً فالحقيقة هذه الأيام تدعو للقلق، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن أكثر من 70% من المجتمع يعاني من هذه الحالة، ونحتاج لتقييم ذاتي للعلاقة الزوجية لتكون قويمة دون رتوش أو ضعف أو جمود، ليتنبّه الأزواج لمنحنى التردّي في الإنفصال العاطفي.
بصراحة: الزوجان مدعوان لتخصيص وقت كلّ للآخر للتعبير العاطفي عن مشاعرهما تجاه الآخر لتستمر الحياة الزوجية، فلا يشغلهما عن بعضهما لا عمل ولا مناصب ولا أولاد ولا صُحبة ولا خدمات البيت ولا غيرها، وإلّا سُرِقَ الزوج أو الزوجة من بعضهما من شخص آخر من غير علم، فلنبدأ بالتعبير عن العواطف بين الأزواج دون خجل كي لا تضيع الفرصة من جديد، ولنساهم بالقضاء على الطلاق العاطفي في بيوتنا!
صباح العواطف الدافئة والحميمة بين الأزواج//