أسبوع زفاف "السلطتين"
وليد حسني
توقع وزير الشؤون السياسية موسى المعايطة حصول الحكومة على ثقة 75 نائبا في ختام مناقشات البيان الوزاري الذي ستقدمه الحكومة للمجلس في التاسع من الشهر الجاري.
قال الوزير المعايطة ذلك بكل ثقة على شاشة قناة الاردن اليوم وعبر برنامج" في عين الحدث" الذي يقدمه الزميل عمر كلاب.
وقبل يومين كنت في لقاء عابر مع وزير سابق في الحكومة المقالة الذي ابتدرني بالتساؤل عن خارطة مجلس النواب، والتوقعات المحتملة لسلة أصوات الثقة التي ستفوز حكومة د. عمر الرزاز بها، وذهب سريعا لتأكيد توقعه بحصولها على مئة ثقة في الحد الأعلى.
وفي مجلس النواب وكواليسه فلا تزال التوقعات مبكرة تجاه ارقام الثقة والحجب والامتناع وحتى الغياب، لكن خارطة النواب تنشغل هذا الأوان فيما يمكن ان يقولوه في حكومة لم توجه لهم خطابها، وإن كان العشرات منهم يعتقدون جازمين ان تشكيلة الحكومة كافية للحكم عليها دون ان يكونوا بحاجة لبيان حكومي انشائي سردي مستنسخ من ارشيف البيانات الحكومية السابقة على حد قول بعضهم.
وبالمجمل فلا تزال خارطة السلطتين التشريعية والتنفيذية تراوح مكانها، بالرغم من الجهود التي يبذلها الرئيس المكلف في إحراز منجزات على صعيد التواصل والاتصال المباشر وغير المباشر مع النواب ومع الكتل البرلمانية،ومع مراكز القوى داخل السلطة التشريعية، المعلن منها وغير المعلن.
مساء امس الأول كان رئيس احدى الكتل البرلمانية الكبرى يحادثني عبر الهاتف متحدثا عن بوصلة كتلته التي حسمت خيارها بمنح ثقة مشروطة مدتها ثلاثة أشهر، وكان الرئيس يتحدث بثقة مفرطة عن "المهلة الفرصة" التي يتوجب على المجلس والنواب منحها للحكومة، مؤكدا على انها فرصة كافية للحكم على ما يمكن ان تنجزه من وعود كشفت الحكومة عن بعضها في تصريحات للرئيس المكلف او لوزراء يحبون الحديث حتى قبل ان يضع الرئيس د. الرزاز بيان حكومته بين يدي النواب.
كان رأيي أن الفرصة المهلة ضرورية إذا كانت مراكز القوى داخل السلطة التشريعية تحتمل الإنجرار لمغامرة المحاسبة والمراقبة وإعادة تحديد اتجاهاتها نحو تفعيل سلطتها الدستورية بحجب الثقة عن الحكومة او عن وزراء فيها.
واضفت لمحدثي الكريم أن على الكتل النيابية النظر بجدية لموازين القوى، ولما يمكن للمجلس عمله تجاه الحكومة التي جاءت على انقاض احتجاجات الدوار الرابع، وفي اجواء بدت وكأنها أرادت من حكومة د. الرزاز إظهارها وكأنها حكومة الإنقاذ، بالرغم من أنها كانت حكومة الضرورة.
وبالنظر لخارطة السلطتين فثمة ما يملكه الجمهور لقوله فيهما، فحين تنادى المحتجون في الدوار الرابع باقالة حكومة د. الملقي، فقد كان المطلب الجماهيري هناك مزدوجا إذ ربطت الحناجر الصارخة هناك برحيل السلطتين معا التشريعية والتنفيذية،لكن رحلت واحدة وبقيت الأخرى.
الحكومة التي رحلت ظلت حتى أنفاسها الأخيرة تحظى بثقة نيابية آمنة، ولو قدر للحكومة السابقة البقاء والعودة لطلب الثقة من المجلس لحصلت عليها، وهو ما يحدث تاريخيا في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما نراه حاضرا في تاريخ الوزارات الأردنية.
يوم الاثنين المقبل سيقف الرئيس المكلف لأول مرة في حياته على منصة الخطابة امام النواب موجها بيانه الذي نفى عنه مبكرا صفة السرد، ومؤكدا على انه سيكون برامجيا ومحددا بمواعيد زمانية للتنفيذ، وسيكون امام النواب فرصة القراءة والاستمتاع، والنقد والكثير من الكلام والشغب.
بالنتيجة فان ميزان القوى بين السلطتين يميل دوما لصالح السلطة التنفيذية التي تمتلك داخل السلطة التشريعية أذرعا نيابية ستحملها وستدافع عنها، وسترى فيها الأمل المقبل ، وسيبقى ميزان المعارضة النيابية متواضعا جدا لدرجة ان توقعات وزير التنمية السياسية قد تكون متواضعة أمام توقعات ذلك الوزير الصديق الذي التقيته صدفة وكانت توقعاته عالية جدا لا اظن ان الرئيس الرزاز يطمح بالحصول عليها في مواجهته القريبة مع النواب الغاضبين والمؤيدين والمحايدين والناعمين والخشنين.
ومن المؤكد ان الأسبوع المقبل سيكون اسبوع زفاف السلطتين، وسيأتي الكثير من المدعوين والمهتمين، والمهنئين، وستعود الحكومة الى الدوار الرابع وهي تتمنى ان لا ترى المحتجين يعودون اليه مرة اخرى...//