غنيمات .. هل ما تقولينه حقا..؟؟
وليد حسني
نفت وزيرة الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات أن يكون احد تطوع باطلاع الأردن على تفاصيل صفقة القرن" لم يطلعنا أحد بشكلٍ صريح على مضمونها، ولم يتم هذا الأمر حتى في زيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير، الأخيرة إلى المملكة"، قالت السيدة غنيمات ذلك بوضوح لا لبس فيه في تصريحات صحفية نقلت عنها أمس.
ولا املك الا تصديق الوزيرة غنيمات فهي مثلي تماما، ومثل باقي الأردنيين لم يقم احد باعلامنا عن مضمون وتفاصيل تلك الصفقة التي لا تزال تخضع للتهذيب والنقاش والحذف والإضافة، بالرغم من أنها ستبقى صفقة بكل ما تحمل تلك الكلمة من معان معجمية وسياسية بما فيها بالطبع ما يمكن إسقاطه من دلالات تجارية على تلك الصفقة التي لا تزال مثار تساؤلات وجدل واستهجان وترقب.
صفقة القرن التي لا تزال طي الكتمان ـ بالنسبة للوزيرة غنيمات على الأقل ــ تستهدف تغيير نواة المواقف السياسية، والمطالب الوطنية والقومية للفلسطينيين أولا، وضمان استمرار طحنهم بالانحياز الأمريكي للمحتل الإسرائيلي الذي سيكون بكل تأكيد الفائز الأكبر من تلك الصفقة التي تستهدف أصلا تكريس مشروعية احتلاله لفلسطين وتشريد شعبها، وفي الوقت الذي يتم فيه تكريس الأمل الإحتلالي الإسرائيلي بتعميق قوة وهيمنة الدولة اليهودية، فإن الصفقة تستهدف قتل ما تبقى من أمل لدى الفلسطينيين بالتمتع باستقلالهم واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين.
لم تجد الوزيرة غنيمات أمامها لتقوله عن صفقة القرن المرتقبة غير ما يعرفه الأردنيون جميعهم عن موقف الأردن الوطني والقومي تجاه القضية الفلسطينية" الموقف الأردني من النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وعملية السلام، والحل النهائي، ثابت ولم يتغير"، وتضيف"إذا كانت صفقة القرن تستهدف وجود دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 67، وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، فنحن معها، أما ما سوى ذلك فنحن لا نقبل بها، وهذا الأمر أكده الملك عبد الله الثاني في زيارته الأخيرة إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "، تقول الوزيرة ذلك معيدة كامل الموقف الأردني الثابت منذ ما بعد 1967 وحتى اليوم، وهو الموقف الذي لا يختلف عليه اردنيان.
اليوم وغدا على الوزيرة غنيمات مطاردة المعلومات المتعلقة بصفقة القرن، وعليها ان تقول لنا بوضوح لا مواربة فيه، أين سنكون في المدى المنظور، وما الذي سيترتب علينا دفعه من ثمن في تلك الصفقة التي تعتبر الأردن جزءا رئيسا من عملية تطبيقها وترويجها، وعليها ان تقول لنا أين نحن من كل ما يجري وما سيجري حين تصبح تلك الصفقة واقعا يمشي على الأرض.
ولا أدري كيف يمكن لوزيرة الإعلام ان تعلن بأن أحدا لم يتحدث مع الأردن عن صفقة القرن، ولست هنا بصدد التشكيك في مصداقية هذا الكلام بالقدر الذي أسأل فيه نفسي إن كان أحد يمكنه القبول بهذا الكلام من وزير الإعلام.
ثمة ما يمكن قوله هنا عن ضرورة ضبط ايقاع التصريحات الصحفية للناطق الإعلامي، وبنائها على قواعد المنفعة والمصلحة وقياس مدى اثرها على الآخر وإلى أي مدى يمكنها ان تخدم مواقفنا وسياساتنا وتوجهاتنا.
لا أظن ان السيدة غنيمات تملك تفاصيل إضافية عن صفقة القرن، ولا أظنها أيضا مارست خداع الجمهور فيما قالته نفيا وتأكيدا، فالسيدة بالنتيجة لا تزال تتلمس طريقها في مهمتها الشاقة،، إلا ان من الضروري توفير المعلومات الكافية لها لتكون اكثر تأثيرا وإقناعا للصحفيين والإعلاميين والجمهور، وهذه مهمة يتوجب على من يملك المعلومات توفيرها لمن يتوجب عليه النطق بها وإشاعتها بين الناس..//