خلود خطاطبة
في كل دول العالم، فإن الشعوب تحترم تقديرات الجيش فيها للأخطار المحدقة بوطنهم، وهي بالضرورة تقديرات لا يمكن التشكيك فيها ذلك أن هدفها الرئيسي والوحيد حفظ أمن الشعب واستقراره وعدم السماح لأي تهديد أن يصل الى المجتمع، وفي المقابل فإن الشعوب تقف خلف جيوشها وتعظم جهودهم وتسندها أولا بالكلمة ثم بالفعل اذا تطلب الأمر، ولا يمكن ان تشكك يوما بصدق نواياها وأفعالها.
بعض التعليقات والأخبار خلال الأيام الماضية حاولت بشكل عام أن تقلل من الجهود الأردنية في احتضان اللاجئين السوريين منذ اندلاع أزمة السورية قبل ما يقرب من 7 أعوام، على خلفية تصاعد وتيرة العنف في الجنوب السوري وما تمخض عنه من فرار سكان الى المناطق الحدودية مع الأردن، تخللها أقاويل وشائعات طالت جهود القوات المسلحة الاردنية في هذا الصدد.
كل الآراء التي تناولت قضية المطالبة بفتح الحدود الأردنية أمام اللاجئين السوريين من جانب انساني تحترم، وكل الآراء التي تقول بعدم امكانية فتحها لاعتبارات أمنية واقتصادية بعد تخلي المجتمع الدولي عن الأردن في هذا الصدد تحترم أيضا، لكن ما لا يمكن تفهمه أو قبوله هو التشكيك بجهود القوات المسلحة والجيش في التعامل مع ملف اللجوء السوري الذي كان دوما عنوانه الانسانية وحفظ أمن المواطن الأردني.
أصوات نشاز في وسائل اعلام خارجية تطلق شائعاتها، وصور غير حقيقية قيل أنه للاجئين سوريين على الحدود الاردنية، واتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة طالت الجيش العربي، في سبيل التشويش على الموقف الاردني للحفاظ على اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري، ومحاولاته لتعزيز عوامل الاستقرار في سوريا والمنطقة، ومحاولة الضغط عليه لتحمل نتائج الصراع وحيدا وسط صمت المجتمع الدولي عن الأزمة الانسانية الناتجة عن الصراع في الداخل السوري.
هذه الشائعات والاتهامات تنطلق من أبواق لها أهداف سياسية واضحة للجميع، لكن المصيبة تتمثل في اعادة بعض المواطنين نشر تلك الاتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون النظر في فحواها والتحقق منها، وهي تصب في النهاية في خانة الترويج لأكاذيب يمكن ان تنعكس على أمن المواطن الأردني قبل كل شيء، وتمس أيضا بالمؤسسة العسكرية الأردنية المنزهة عن كل تلك الشائعات.
في مسألة التقديرات الأمنية تجاه ما يحيق بالأردن من أخطار، لا يمكن لأحد تقديرها كما تفعل القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية وتحديدا على الحدود الشمالية، وهي الجهات صاحبة الاختصاص في هذا المجال، وكل قرار تتخذه نابع من مؤشرات ومعلومات على الأرض، لذلك يجب ان لا نصدق أو نسمح بترويج أكاذيب منها للأسف داخلية تجاه المؤسسة العسكرية الأردنية وتوظيف ملفات خارجية كالملف السوري لخلق حالات انقسام مجتمعية، فيكفينا ما عانيناه حتى الآن.
لا مجال لاستعراض الجهود الانسانية المضنية للقوات المسلحة على الحدود الشمالية، فهي كثيرة، وتعرفها وتقر بها منظمات العمل الانساني الدولية المتواجدة دائما في المشهد، وكان آخرها قبل يومين إيصال المساعدات الانسانية للنازحين من السوريين على أرضهم، متجاوزة اية تهديدات أمنية يمكن ان تشكلها الفصائل المتناحرة مع قوات النظام السوري، ولتؤكد للعالم ان الاردن لن يتخلى عن دوره الانساني التاريخي تجاه اشقائه، رغم أنه يعاني ما يعانيه من ملفات المنطقة التي ضربت في عمق اقتصاده ومعيشته.