بلال العبويني
بالمطلق، لا يمكن تسمية ما جاء به المؤتمر الصحفي الأول لرئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز انجازا، او أنه يحمل في ثناياه مؤشرات التغيير في النهج الحكومي كما وعد بذلك الرزاز ذاته من قبل.
الحديث عن إجراء حوار حول قانون ضريبة الدخل، ليس جديدا بعد أن رحلت حكومة الملقي، والحديث عن التأمين الصحي لمرضى السرطان ليس جديدا وليس كافيا بالمطلق، ذلك ان حاجة مريض السرطان معروفة بالعلاج في المركز المتخصص والوحيد بالأردن "مستشفى الحسين للسرطان".
شمول مرضى السرطان بالتأمين الصحي الكامل واجب على الحكومات، وحرمانهم منه جريمة لا تُغتفر، حالهم في ذلك كحال بقية الأردنيين الذين يدفعون الضرائب من أجل تلقي المناسب من الخدمات، وليس هناك خدمة مقدمة على خدمة التعليم المجاني والعلاج المجاني.
غير الموظفين سواء في القطاع الخاص أو العام، والواقعين ضمن الفئة العمرية من سبع سنوات إلى تسعة وخمسين عاما، محرومون من أبسط حقوقهم الخدمية في التأمين الصحي وهم من الدافعين لمختلف صنوف الضرائب التي يدفعها أقرانهم من الأردنيين، بالتالي ما جاء به مؤتمر الرئيس الأول ليس انجازا ولا يؤشر على بداية تغيير النهج حتى وإن تحدث عن مراجعة بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومات السابقة سواء ما تعلق بتسعيرة المحروقات أو ضريبة السيارات.
هذا من جانب، ومن آخر ما صدر عن وزراء خلال الأيام الماضية كاعتذار وزير المياه من سكان في جرش لخلل في توزيع المياه، واعتذار وزير الزراعة من عاملة نظافة وركوب وزير الاتصالات سيارة أجرة "تطبيقات" لحضور فعالية، لا يمكن اعتباره انجازا عظيما وإن كان مؤشرا إيجابيا، لأن التغيير المطلوب لا يتوقف عند هذا الحد، بل إنه سيكون بلا طعم إن لم يشعر المواطنون أن التغيير انعكس على حياتهم الاقتصادية والمعيشية بشكل مباشر.
ثمة سؤال يخطر في البال من وحي اعتذار الوزيرين حنيفات وعويس مفاده، لماذا لم يلجأ الوزراء من قبل إلى تقديم مثل هذه الاعتذارات على الرغم من تكرار الأخطاء كثيرا سابقا وإبان ما كانوا في مناصبهم العامة سواء في الوزارة أو غيرها؟.
هل كان رئيس الوزراء مثلا يمنعهم من ذلك على اعتبار أنه سلوك ينتقص من قيمة الحكومة والوزراء؟.
قلنا هو مؤشر إيجابي، لكنه ليس إنجازا لأنه أمر طبيعي لدى السلوك البشري القويم، ألا نعلم اولادنا وهم صغار على الاعتذار عند الخطأ، ألا يستقيل مسؤولو الدول المتحضرة من مناصبهم عندما يرتكبون الأخطاء.
في تشكيلة مجلس أمناء الجامعات، تم الكشف عن أن ثلاثة منهم لا تنطبق عليهم الشروط، أليس الأولى اعتذار من نسب بهم على الخطأ الجسيم الذي ارتكبه، بل أليس المنطق يقول بوجوب محاسبته على هذا الخطأ الجسيم.
مازال أمام الحكومة الكثير لتفعله حتى تُقنع المواطنين أن نهجها تغيّر، لأن رئيسي الوزراء السابقين النسور والملقي، أول ما تسلما مهامهما صدر عنهما تصريحات مشابهة لتصريحات الرزاز، وأبديا حرصهما على المال العام وخوفهما على الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى.
لكن، شيئا من ذلك لم يحدث بما يتم الكشف عنه اليوم من تجاوزات من مثل "تذاكر سفر مجانية مدى الحياة" و"تعيينات خارج لجنة اختيار الموظفين"، و"التوسع في الإنفاق خارج الموازنة"، والمكابرة والإصرار على الخطأ بقرارات ومشاريع قوانين ضريبة جبائية دمرت أو كادت قطاعات اقتصادية مثل قطاع تجارة سيارات الهايبرد.
بالتالي، على الرئيس الرزاز أن يدرك أن ما تم ليس إلا قشورا لم يقتنع به غالبية الأردنيين، وهو سيكون استعراضا لا أكثر إن لم يتطور مستوى ينعكس إيجابا على حياة الناس وبشكل مباشر.//