تشكيل الحكومات وسياسة تكسير المجاديف !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
النرجسية تعني حب النفس او الانانية وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور والعنجهية والتعالي والشعور بالاهمية والقوة والسيطرة والهيمنة المبالغ بها .
على انه هو مركز الادارة والعمليات على الساحة الوطنية او المجتمعية او السياسية ، والاخرون يجب ان يكونوا ادنى منه وعليهم تقبيل اياديه وش وظهر لمن يريد ان ينال رضاه ، كذلك فهو استغلالي ووصولي من الدرجة الاولى يستميت لتحقيق اهدافه ومصالحه الخاصة وتظهر مثل هذه النوعيات من الشخصيات المتنفذة عند تشكيل اي حكومة فهو يسعى لأن يكون في الحكومة مَن هو مِن زبانيته التي تحقق مصالحه وتحافظ على مكتسباته ، ويكون من خلالها ذا سعة اطلاع لما يدور في الكواليس والاجتماعات ليبقى حضوره مميزاً وصاحب نفوذ ، لذلك عند قيام اي شخصية مكلفة بتشكيل حكومة تبرز هذه القوى لتكسر مجاديفه وتكشرعن انيابها اذا لم يطع لأوامرها او يحظى بابتسامة اذا وافق على ما يريدونها .
قد يكون التشكيك بقدرات ونيات الاخرين صفة مكتسبة كونتها العديد من العوامل اهمها بنية المفهوم والفكر الاجتماعي القائم على المصالح الشخصية والمكتسبات الفردية والجماعية والنزاعات الشخصية من اجل قتل الثقة بالنفس حيث ان هذا يؤدي بأي شخصية سياسية او اقتصادية او اجتماعية مكلفة باشغال منصب هام الى احباطه وتكسير مجاديفه حتى لا يقوم بعمل مميز او يشكل منتخب فريق عاملا ينسجم بالعمل معه .
فبعد ان كشفت الحراكات والقوى الوطنية كشفاً حقيقياً لكل فاسد او زائف او فاشل بالعمل والاداء ومختف تحت قشور الاقنعة المختلفة المصنوعة على مر السنين للمناصب وتعرية كل النواقص ( والتي نادى بها الكثيرون من ابناء الوطن ) فهذه الصفة ظهرت على السطح عند تشكيل الحكومات حيث تظهر الشللية والمحسوبية من قبل اصحاب الاجندات لاختيار زبانيتهم وفرضهم كأمر واقع في تشكيل الحكومة لتحقيق مكاسبهم ومصالحهم وحجز كراسي خاصة بهم بالمجلس للاطلاع على كل ما يدور هناك .
لذلك يعمد كثير من رؤساء الحكومات لتشكيل مجالس مصغرة وكثير من التشكيلات الحكومية تخرج من حقيبة رئيس الوزراء بمنتخب غير منسجم علمياً وادارياً ليطيح بالخلافات والصراعات لتتناقلها صفحات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي والصحف المختلفة بالعبارات التي تعبر عن النوايا غير الصافية من كلا الطرفين ولتنكشف كثير من القضايا الخلافية من خلال التسريبات من كلاهما ضد البعض .
وكما نعلم فان سياسة تكسير المجاديف لا تزيد من سرعة القارب لا بل بالعكس تسبب الاحباطات والتوترات والعمل غير المنسجم ويصبح للاسف عدم القدرة على التعامل مع الاختلافات وهي مؤشر للفشل الفردي والجماعي وانعكاساته على الوطن من حيث الاداء ، وتترسخ عند الرئيس والفريق العامل روح الهزيمة التي يستثمرها آخرون لهم مصلحة بالحكومة على انهم رجال المرحلة .
فأصبحنا نعيش في وطن هذه طبيعته وسياسته ونمط تفكيره قوى تتصارع لحجز كراسيها على طاولة الرئاسة ، ولو تم تميز الكراسي بألوان مختلفة حسب تبعية كل وزير لوجدنا اننا امام لوحة مختلفة الالوان وغير منسجمة لقوى خارجية ذات مصالح واجندات مختلفة ، وهذه ليست من مفهوم الديمقراطية في اختيار الفريق المنسجم البعيد عن التأثيرات الخارجية بل نخرج بفريق وزاري تبعي مسير من الخارج على الشعب ان يتقبله بحلوه ومره ولن يكون هناك تنمية حقيقية في ظل هذه الصراعات والتحالفات والتجاذبات ما لم يكن هناك استقرار سياسي ما دام التأزيم موجودا بين القيادات السياسية ، والشعب ينتظر الاصلاح والتغيير المنشود فان سياسة تكسير المجاديف لن تحقق التغيير او الاصلاح او التنمية .
وهذه عاهة بنيوية في تشكيل الحكومات التي تعيق النهضة وتجعل تشكيل اي حكومة تغرق في ايجاد التوافقات بين اصحاب النفوذ والمصالح لتصبح حكومات محاصصه كشركة مساهمة محدودة وتصبح تمثل اعاقة فاعلة لكثير من الاستراتيجيات والمحبطة للمشاريع ، وما علينا الا القبول بالأمر الواقع خشية التورط في المجهول او الارتهان للاجندات المختلفة داخلياً وخارجياً في تركيبة تبريرية لما حصل بصبغة تحالفات مبنية على تناقضات ولينعدم الانجاز الفكري .
فلا احد من رؤساء الحكومات يملك الشجاعة الكافية في تشكيل حكومة طاقمها فريق وزاري كلٌ حسب اختصاصه وحسب كفاءته وذو مؤهلات تقوده الى الاصلاح والتغيير في وزارته لتحقيق الانجازات ، ليبقى الحال كما هو عليه حيث القوى المتنفذة عند تشكيل اي حكومة تستجمع مهاراتها المشهودة في تكسير المجاديف ولتبقى السلسلة الوطنية مفككة دون تأثيرات اصلاحية وهذا يشكل عبئاً على صاحب القرار الذي دوماً وتكراراً ومراراً يوجه الحكومة للعمل والانجاز والانسجام بعد ان يطلع على الكثير من النواقص والتقصير في الاداء .
وكما ذكره جلالته في آخر مؤتمر صحفي لنقرأ ما بين السطور حول تخبيص بعض الوزراء والمسؤولين وتقاعس الاخرين عن القيام بواجباتهم الموكولة اليهم فالصراعات والخلافات واضحة تتناولها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ويكون لها انعكاسات سلبية متعددة .
كلنا امل ان نصل الى المستوى الفكري الناضج للمصلحة الوطنية التي يجب ان ترتقي عن المصلحة الشخصية .//
hashemmajali_56@yahoo.com