الرئيس المُكلف وسقف التوقعات
بلال العبويني
ارتفع سقف التوقعات كثيرا مع تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة، وهذا السقف ارتفع أكثر منذ تصريحات الرزاز الأخيرة التي قال فيها إنه سيسحب قانون الضريبة من مجلس النواب وتبعها بقرار صرف الرواتب قبل العيد، رغم تصريح سابق لوزير المالية عن ان الحكومة قد تكون عاجزة عن صرف بعض الرواتب.
الرزاز، يحظى بقبول اجتماعي كبير، وهو صاحب فكر إصلاحي غير صدامي، ويشهد له في ذلك أداؤه بوزارة التربية والتعليم التي شهدت توترا بين وزير التربية السابق محمد ذنيبات ونقابة المعلمين.
كما أضاف تواصل الرزاز المستمر مع الناس عبر حسابه بموقع "تويتر" قيمة كبيرة للمسؤول الذي يريده المواطنون في تواصله مع الناس وخاصة فئة الشباب عبر أدوات الاتصال الحديثة، وهنا نشير فقط إلى مشهد من مشاهد القبول الاجتماعي للرزاز لدى فئة الشباب على وجه التحديد.
عندما عقد رئيس الوزراء والوزراء لقاءهم الأول مع الشباب قبل فترة، لم يصفق أحد من الشباب لأي وزير إلا للرزاز عندما جاء دوره في الحديث، وهو ما أعطى إشارة مهمة إلى مكانته بين الشباب وإلى الرضى العام عن عمله وأدائه في وزارة التربية التي شاءت الأقدار أن يتركها بعد أن كانت التوقعات أن يمكث فيها طويلا حتى يستكمل برنامج إصلاح التربية والتعليم والمناهج وامتحان التوجيهي.
تلك سيرة مباركة لرئيس لم يأت من قاعدة "ابن الرئيس رئيس وابن الوزير وزير"، فلم يكن والده رئيسا أو وزيرا، بل وصل إلى ما هو عليه اليوم بجهده وبما امتلكه من شهادات علمية وخبرات عملية وفكر إصلاحي تنويري.
لكن، هل هذا يجعلنا نرفع سقف التوقعات كثيرا بعد أن أصبح رئيسا للوزراء؟.
بالمطلق، لا يجب أن نرفع السقف كثيرا وإلا سنكون واهمين وغير مدركين لحجم التحديات التي نعانيها وعلى مستويات مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية.
في ظني، دور حكومة الدكتور الرزاز الأهم في المرحلة المقبلة يجب أن يكون في تجسير الهوة في الثقة بين المواطن والحكومات، فهذه الثقة تهتكت خلال السنوات الماضية بابتعاد الحكومات عن نبض الشارع واستعلائها على أوجاع الناس ومطالبهم، الأمر الذي بات أشبه بعلاقة عدائية بين قرارات الحكومات الاقتصادية وبين المواطنين الذين يكتوون بها وحدهم دون غيرهم ممن ساهموا في إيصال الواقع الاقتصادي على وجه التحديد إلى ما نحن عليه اليوم.
نعلم أن حكومة الرزاز لا تمتلك عصا سحرية لمعالجة الأزمة الاقتصادية، ولكننا على علم أيضا أن دور الحكومات يكمن في كيفية إدارة الملف وكيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي والمانحين للتخفيف من آثار قرارات الإصلاح المالي والاقتصادي على مواطني الطبقتين الفقيرة والمتوسطة على وجه التحديد.
اليوم، حكومة الرزاز مطلوب منها أن تتريث في كل ما هي مقبلة عليه بدءا من التشكيل الحكومي الذي يجب أن يكون عند مستوى التحديات وليس انتهاء بأي قرار له ارتباط بحياة الأردنيين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لأن حراك الشارع الأخير أثبت أن المعاناة كبيرة ومتشعبة وتحتاج إلى هدوء ونظرة كلية للمعالجة التي يجب أن يكون سيدها الحوار دائما وأبدا.
حالة التفاؤل والأمل كبيرة بشخص رئيس الوزراء المكلف، لكن لا يجب أن نبالغ في ذلك لأن الواقع صعب، ولأن المبالغة وفقا لذلك الواقع ستؤدي إلى نتائج عكسية وتقضي على أي فرصة مستقبلا لعودة الثقة بالحكومات.//