الاصلاح والتغيير وجهان لعملة واحدة !!!
م. هاشم نايل المجالي
لنترك جانباً كل الحراكات الشعبية واشكال وانواع الضجيج التي تحيط بشعاراتها ومطالبها ، لكن هل هناك من الباحثين والدارسين الذين يرصدون كل هذه المضامين ويعكفون على تفاصيلها واسبابها ومن هم مكونات هذه الحراكات من اطياف الشعب ودرجة ثقافتهم وشهاداتهم العلمية والمهنية وهذا الانسجام فيما بينهم على نغم واحد وموعد واحد ومطالبهم بالاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد وتحجيم دور المتنفذين في الهيمنة على المشاريع والسيطرة على الاستثمار ، الا مروراً ببوابات مفاتيحها بأيديهم فالذي لا يمكن اغفاله من دراسة المشهد هو جوهر التغيير والاصلاح والذي يقوم على عدة حقائق لا احد ينكرها اولها بالمسؤولين القائمين على هذا التغيير والاصلاح ومدى جديتهم وقوتهم وفهمهم لهذا التغيير والاصلاح دون محاباة في الوقت الذي فيه صاحب القرار يطالب مراراً وتكراراً .
ثانياً دراسة واقع المملكة مع ما تملكه من امكانيات وطاقات وقدرات ومداخيل مالية ومدى الاحتياجات على ضوء الاولويات لتقود المملكة الى بر الامان بالامن والاستقرار دون اللجوء الى قرارات من شأنها تأجيج الشارع العام .
ثالثاً الصلاحيات في صناعة القرار الاقتصادي والتنموي بتوافق كافة الاطراف حكومية ومنظمات اهلية ونقابات واحزاب سياسية وغيرها ، ليكون قراراً بالاجماع ينسجم مع الرؤية للحكومة لادارة شؤون البلاد والتي من الممكن تنفيذها وتطبيقها والمحاسبة على انجازاتها لتعمل بالطاقة المناسبة لتنفيذها .
وحتى لا تبقى البلاد ريعية تعتمد على المنح والمساعدات والهبات في موازناتها او القروض في تغطية العجز المالي ، فحجم القدرات والامكانيات المتوفرة على ضوء التنمية البطيئة المنفذة يجب ان يكون في الوضع الآمن والسليم من الاحتياجات الخارجية ، فغالبية المشاريع مؤجلة والقسم الآخر متعثر مثل المفاعل النووي وقناة البحرين وشبكات النقل الداخلي والمشاريع التنموية في المحافظات المتعلقة بتطوير البنية التحتية اي انه ليس هناك ما يرهق ميزانية الدولة من التزامات على هذه المشاريع المؤجلة .
اذن نحن امام ثورة اصلاحية من اجل شباب تصل نسبتهم الى نسب عالية يعاني من الفقر والبطالة ، فالاصلاح يضع المملكة على الطريق السليم للمستقبل لنخرج من الوضع التقليدي للدولة الى الدولة المنتجة صناعة وزراعة وسياحة وتعدينا واستثمارا وغيره .
فهناك واقع بحاجة الى تغيير واصلاح وهناك رؤية يجب ان نسعى جميعاً لتحقيقها والفارق بين الواقع والرؤية هو ما يؤجج الاحتجاجات حيث ان من في السلطة التنفيذية لديهم الخوف من التغيير او قيادة الاصلاح نحو تحجيم من يعيق التغيير او محاربة الفاسدين اي انهم يخافون من عفاريت ما يفتحه التغيير من نتائج او ما سيواجهه الاصلاح .
فهناك دوماً من يقف ضد اتجاه التغيير والاصلاح او حتى اتجاه التقدم لذلك كانت هناك مشاريع وهمية واحلام وضبابية تعثرت جميعها وتغير حالها واحوالها ، الامر الآخر وجود قوى مجتمعية مهيمنة على قواعد شعبية تستغل الشباب وتستثمرهم لصالحها الشخصي وتحركهم بالاتجاه الذي يرونه في مصلحتهم حتى بالعبث والعنف والبلطجة خاصة ان البلد تعج بالوافدين والمهاجرين .
ان تحقيق ان يدخل المواطن في العالم الطبيعي للانسانية معيشياً وعملياً ومهنياً لن يتم بكل سهولة ما لم يحدث تغيير حقيقي واصلاح شامل وكف يد المتغولين على السلطات التنفيذية من اصحاب النفوذ والمصالح .
حيث ان ذلك حجب الاستثمار وارعب المستثمرين فأصبح هناك شروط مسبقة على المستثمر من تعيينات وخلافها قبل البدء بالاستثمار فهناك ضمير مهني لكل مسؤول يعني ذلك اننا نتحدث عن الجانب الاخلاقي والالتزام الذاتي اي ان الاطار الاخلاقي هو السياج المحدود والحامي لنقاء بيئة الممارسة العملية لكل مسؤول ومدى فاعليتها ، وهذا ما اشار اليه صاحب الجلالة في لقائه الاخير حول اهمية قيام كل مسؤول بدوره الميداني باستمرار والذي يخبص من المسؤولين ليس له مكانة بالعمل فهناك من المسؤولين من لديهم مآرب شخصية وكم من مسؤول قد تمت محاسبته .
كذلك فان العدالة والتنمية وجهان لعملة واحدة فهي العملية الجدية والمعقولية في التغيير والاصلاح والجميع ملتزم باحترام القانون لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار مطالب الحراكات الاحتجاجية سواء كانت اجتماعية او اقتصادية ومدى مشروعيتها بالحوار البناء تحت مظلة المصلحة الوطنية ، مع المقاربة الحكومية لدراسة هذه المطالب بكل شفافية وعقلانية ودون تعنت فتوجيهات جلالة الملك واضحة المعالم والرؤى لما تعانيه الساحة الاردنية على المستوى الداخلي والخارجي والاقليمي على ضوء المتغيرات والمستجدات وحالة الاضطراب التي تسود الدول المجاورة .
فسر الزهد في الدنيا عندما يعلم كل واحد فينا ( المسؤول والمواطن ، الغني والفقير ، القوي والضعيف ) ان الله مطلع عليه فيستحي ان يراه في معصيته ، كلمات تحمل في معانيها الكثير من العبر والمعاني والتجارب التي تحصل لكل فرد في حياة كل كائن بشري تصول وتجول افكار وطموحات واماني في نفسه ، والشواهد على ذلك كثيرة فلماذا يعمد الانسان او بعض المسؤولين الى الاجحاف بحق المواطنين وهل نسي القول المأثور الذي يقول ( اذا دعتك قدرتك على ظلم الآخرين فتذكر دوماً قدرة الله عليك ) .
فعلى كل فرد اياً كانت مكانته وموقعه ان يعيش هذه الحياة بكل واقعية وعقلانية مدركاً للمتغيرات وللظروف التي تواجه الوطن ، فيمر في محن وامتحان يختبر فيها كل فرد مدى صبره واتزانه وقدرته على ضبط انفعالاته وقدرته على مواجهة الصعاب فهناك منطق للحق والعدل والانسانية في منطقة محيطة بالوطن مضطربه امتلأت بالظلم والفساد والعنف .//
hashemmajali_56@yahoo.com