المعلومات، تؤكد قرب معركة جنوب سوريا، في درعا والقنيطرة، بما يعينه ذلك، من تأثيرات على الوضع السوري، في الاجمال، واستقرار الاوضاع في دمشق، وكل المناطق المحيطة بها، وبما يعنيه ايضا، من تداعيات على دول الجوار، والوضع الاقليمي.
الجيش السوري، الذي يستعد لبدء معركة جنوب سوريا، بدأ بتوزيع منشورات يطلب فيها من المسلحين الاستسلام، وفي المقابل، تحذر واشنطن النظام السوري، من التأثير سلبا على منطقة» خفض التوتر» في جنوب سوريا، وهو تحذير يكشف من جهة اخرى، عدم رغبة واشنطن، بقيام النظام السوري، بتطهير بقية مناطق جنوب سوريا، من الجماعات المسلحة، بذريعة الظروف الانسانية، وما قد يلحق بالمدنيين، في تلك المناطق، اضافة الى معرفة واشنطن، ان دمشق تريد افشال مخططها، لفصل جنوب سوريا، عن سوريا ذاتها.
هذه المعركة التي كانت مؤجلة، باتت على الابواب، وحتى الجانب الايراني، يحاول طمأنة دول الجوار، ان لا تأثيرات سلبية عليها، وان لا قوات ايرانية او من حزب الله، او من الميلشيات الافغانية وغيرها، سوف تقترب من الحدود، وقد صرح السفير الايراني، في عمان، بهذا المعنى، ادراكا من طهران، ان معركة جنوب سوريا، ليست محلية بالمعنى البحت، لتأثيرها على الاردن، من جهة، وعلى « الاحتلال الاسرائيلي».
لكن كل هذه التحذيرات، والتطمينات، لن تصمد امام الواقع، فالنظام السوري، الذي انهى معارك الغوطتين، يريد ان ينهي معركة جنوب سوريا، لاعتبارات كثيرة، من بينها، ضمان كل المناطق المحيطة بدمشق، حتى لو كانت من ناحية جغرافية بعيدة نسبيا، عن العاصمة، كما ان النظام يريد اكمال عملياته بتطهير سوريا، بعد الانتصارات التي حققها، وهو عمليا، يريد في هذا التوقيت الحساس، الاستفادة من التناقضات الدولية، حتى يتمم عملياته، بدعم روسي، وايراني، من جهة، وهو دعم قد لا يتوافر بذات الطريقة، لاعتبارات اقليمية ودولية، بعد قليل، خصوصا، في ظل التصعيد الاميركي مع طهران، ومع موسكو، وهو تصعيد من المحتمل ان ترتفع حدته بعد شهرين، مع مخاوف دمشق من مخطط واشنطن، لاقامة دويلة جنوب سوريا، ضمن ثلاث دويلات جديدة محتملة.
في كل الاحوال هناك ملفات مقبلة على الطريق، قد يكون من الصعب السيطرة عليها كليا، اولها احتمال نزوح اعداد كبيرة من السوريين الى الاردن، اذا بدأت المعركة، او خلالها، وهو الاحتمال ذاته الذي قد نراه عبر نزوح السوريين، من المناطق المستهدفة، الى مناطق آمنة وغير مستهدفة، في ذات درعا، وحول القنيطرة، كما ان هذا النزوح سوف يسبب ارتدادات انسانية خطيرة جدا، مهما قيل بشأن التخفيف من حدته هذه الايام، ويضاف الى ما سبق، مصير الجماعات المسلحة، التي تواجه اليوم، اما مصيرها عبر عمليات القصف والقتل، او هروب بعض اعضائها الى مناطق سورية اخرى، او التسلل بين المدنيين لمحاولة الانتقال الى مناطق آمنة داخل سورية، او الى الاردن، او اي منطقة اخرى.
الاجندة المخفية لكل الاطراف بشأن جنوب سوريا، قد تتعلق بما يتسرب عن مخطط اميركي لاقامة ثلاث دويلات في سوريا، كيان كردي في الشمال الشرقي، الحسكة والقامشلي وعين العرب وغيرها، ثم كيان عشائري سني على طول ساحل شرق الفرات حتى احتياطات الغاز والنفط شرق دير الزور، وكيان ثالث في الجنوب يكون بمثابة إمارة تضم القنيطرة والسويداء ودرعا، وهذا يعني - ان صحت هذه المعلومات - معركة من نوع مختلف تماما، في جنوب سوريا، فالنظام يريد قطع الطريق على هذه المخططات، واحتمال قيام دويلة سنية في جنوب سوريا، الى آخر حلقات المخطط، والاميركان يريدون شطب كل انتصارات النظام ومن معهم، فيما الجانب الاسرائيلي له حسابات معقدة، تتعلق بوجود جماعات سنية، يرى متطرفة، قريبة منه، او حتى قوات حزب الله.
خلاصة الكلام، ان معركة جنوب سوريا، اذا بدأت فعلينا ان نعرف انها تختلف كليا عن كل معارك السنين السابقة، فهي معركة مباشرة بين كل الاطراف والوكلاء، من اجل تقرير مستقبل سوريا، بما يعنيه الامر على مستوى معادلات الاقليم والعالم وتقاطع كل الحسابات، علنا، هذه المرة.
الدستور