د. وائل البيايضة
ينشغل الاردنيون هذه الايام بالحديث عن مشروع الضرائب الجديد، وهذه ليست المرة الاولى التي يصبح موضوع الضرائب موضوعا ساخنا يتداوله الشارع الاردني.
لن اتحدث عن مشروع القانون المقترح، ولكن سأتحدث عن تأثير الضرائب على الاقتصاد بشكل عام بعيدا عن النقد الاعمى والاحكام المسبقة.
بشكل عام تلعب الضرائب دوراً مهماً في اقتصاديات الدول كافة بوصفها أداة من أدوات السياسة المالية في التأثير بالإنتاج والاستهلاك والادخار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. الضرائب لها آثار اقتصادية سلبية وايجابية، وسأتحدث هنا عن تأثير زيادة الضرائب بشكل متكرر ومبالغ فيه على استهلاك الفرد مما يؤثر بالتالي على المنتجون (السلع والخدمات) والموزعون (محليا وخارجيا) ومستوى الأسعار العام.
أن زيادة الضرائب بشكل متكرر ومبالغ فيه يؤثر على تكلفة الانتاج والتوزيع وبالتالي يدفع أصحاب الاعمال الى اتخاذ تدابير مالية داخل تلك المؤسسات والشركات قدر الامكان لتخفيف تأثير الضرائب على أسعار منتجاتهم وخدماتهم للمحافظة على قدرة تلك البضائع والمنتجات على المنافسة، ولتحقيق ذلك يلجأ أصحاب الاعمال الى تحميل الأعباء الجديدة من الضرائب على التكاليف الداخلية للإنتاج مثل:
ترشيد استهلاك الطاقة وتكاليف الانتاج. ولكن في الاردن وبسبب الضغوط الاقتصادية المستمرة فان معظم المؤسسات والشركات قامت بعمليات الترشيد منذ وقت طويل وأصبح مجال التحسين والترشيد محدودا جدا. تقليل عدد الموظفين وهذا سيؤثر على نسبة البطالة تقليل التكاليف بتخفيض مستوى الجودة للمنتجات والخدمات. وهذا حل عملي ولكن من شأنه اضعاف القدرة التنافسية للمنتجات والخدمات. تخفيض رواتب الموظفين والعمال والمتعاقدين. وهذا حل عملي ولكن له اثار سلبية على مستوى الدخل العام للفرد ومستوى جودة الحياة. التهرب الضريبي وهذا متوقع وبشدة لأن الحلول اعلاه كلها صعبة وسيلجأ معظم أصحاب الاعمال الى تجنبها قدر الامكان. خلق بيئة مناسبة لنمو طبقة من الفاسدين داخل الكيان الضريبي للتكسب من هذه الحالة أن فشلت كل الحلول اعلاه قد يضطر اصحاب الاعمال الى انهاء مشاريعهم والخروج من السوق تاركين ورائهم أثرا كبيرا على مستوى البطالة والانتاج والخدمات وعلى صحة الاقتصاد بشكل عام.وللتوضيح العام، يؤدي ارتفاع الضرائب الى انخفاض الميل للاستهلاك وازدياد الميل للادخار مما يؤثر سلبا في الامن الاقتصادي للبلد. فالضرائب نوعان؛ ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة. الضرائب المباشرة موجهه لأصحاب الدخول المرتفعة وبالتالي فأن الاستهلاك لا يتأثر بشكل كبير، أما الضرائب غير المباشرة فهي موجهه لأصحاب الدخول المنخفضة ويكون تأثيرها على الاستهلاك كبير لأن الميل للاستهلاك لهذه الطبقة كبير.
أن زيادة الضرائب يخفف المقدرة الاستهلاكية وبالتالي فهي تقلل حجم الاستهلاك في الاقتصاد الكلي. أن تأثير الضرائب على الاستهلاك يتناسب عكسياً مع حجم الدخل، أي انه كلما كان حجم الدخل كبيرا كان إثر زيادة الضريبة قليل على الاستهلاك. وبشكل عام تعمل الضرائب على تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال معالجة حالة الكساد أو معالجة حالة التضخم. في حالة التضخم تعمل الضرائب على امتصاص القوة الشرائية الزائدة، أي العمل على خفض الطلب الكلي ولا يتم ذلك الا من خلال زيادة الضرائب الحالية أو فرض ضرائب جديدة وهذا صحي نظريا ولا ينطبق في حالة الاردن، أما في حالة الكساد يتم خفض الضرائب بهدف رفع الطلب الكلي لزيادة وخلق قوة شرائية.
وبالنسبة لجذب الاستثمار فان الضرائب هي من أهم المؤشرات الاقتصادية التي يدرسها المستثمرون قبل اتخاذ قرار بدخول سوق معين، فاذا كان النظام الضريبي محفز للاقتصاد ويساعد البيئة الاستثمارية كان القرار ايجابيا والعكس صحيح. أي ان زيادة الضرائب الغير مدروسة ترفع دخل الدولة ولكن تطرد الاستثمار وتضعف الاقتصاد.
اتمنى ان تكون الادارة الضريبية في الاردن تعي هذه الثوابت الاقتصادية والاجتماعية وتعمل من اجل تحقيق ازدهار اقتصادي من خلال فرض ضرائب محفزة للاقتصاد وللاستثمار.
@waelbayaydh