وليد حسني
كشف تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين أمس عن معطيات خطيرة فيما يتعلق بمؤشرات خطاب الكراهية في منصات التواصل الإجتماعي وفي الإعلام الأردني لسنة 2017.
وبحسب نتائج الإستطلاع فإن( 41,8% )من المشاركين في الإستطلاع يعتقدون ان الفيس بوك من اكثر وسائل التواصل الإجتماعي انتاجا ونشرا لخطاب الكراهية، ثم شبكة التويتر (24,5%)، والإعلام الالكتروني (10,6%)، واليوتيوب (9,6%)، والسناب شات خامسا (7,1%)، بينما ظلت وسائل الإعلام التقليدية شبه بعيدة عن اتهامها بإشاعة خطاب الكراهية إذ حصلت الصحافة الورقية المكتوبة على نسبة (1,5%) والإذاعة (1,3%)، والتلفزيون (1.9%).
واللافت في نتائج استطلاع الرأي أن (85,5%) من الإعلاميين المستجيبين يعتقدون أن الأحداث السياسية المتلاحقة والصراعات في دول الإقليم ومنها مصر والعراق وسوريا كانت السبب الرئيسي لتفشي خطاب الكراهية، فيما وجد( 86,8% ) أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تتحمل المسؤولية في انتشار خطاب الكراهية كونها منصات أو اداة لنقل المعلومات وآراء ومواقف الناس فقط.
واللافت أن (58,8%) من الإعلاميين يعتقدون أن تفاقم أزمة اللاجئين السوريين في الأردن من أسباب تزايد ووضوح خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي.، لكن هذا الحكم لا يبدو صائبا تماما، فخطاب الكراهية الذي يتم بثه لا يتوقف عند حدود التحريض على اللاجئين وصناعة وانتاج خطاب كراهية معاد لهم فقط، بل يمتد هذا الخطاب إلى قضايا وفئات اجتماعية اخرى.
ومن المهم التوقف عند الإعلاميين المستجيبين وعددهم (255 إعلاميا واعلامية ) الذين يعتقدون أن وسائل الإعلام ساهمت في زيادة خطاب الكراهية إذ بلغت نسبتهم بموجب معطيات الإستطلاع ( 80,0 % ) مقابل ( 85,9 %) يعتقدون ان وسائل الإعلام ساهمت في إذكاء خطاب العنف وإقصاء الآخر عام 2017.
ويلاحظ عدم وضوح الرؤية والتقييم لدى الإعلاميين المستجيبين لإستمارة الإستطلاع ففي الوقت الذي يعتقد فيه (41,8 %) منهم ان الفيس بوك من اكثر وسائل التواصل الإجتماعي انتاجا ونشرا لخطاب الكراهية، فإن ( 77,7% ) منهم يعتقدون ان وسائل التواصل الإجتماعي تلتزم بعدم بث خطاب الكراهية، كما أن (77,3% ) يعتقدون بالتزام تلك الوسائل بعدم التحريض على العنف بدرجات كبيرة ومتوسطة وقليلة.
وبحسب نتائج الإستطلاع فإن( 91,8 %) بدرجات كبيرة ومتوسطة وقليلة من الإعلاميين يعتقدون ان مشروع تعديل قانون الجرائم الإلكترونية من قبل ديوان التشريع والرأي المتعلق بتعريف خطاب الكراهية، سيفرض قيوداً على حرية التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن من أبرز التوصيات التي اقترحها مركز حماية وحرية الصحفيين لمعالجة ظاهرة اتساع خطاب الكراهية في منصات التواصل الإجتماعي دعوته لوضع تصور بعيد المدى لتطوير معارف ومهارات الإعلاميين الحقوقية للحد من المحتوى المعادي لحقوق الإنسان والمروج للعنف ولخطاب الكراهية.
ولربما يمكنني تعزيز هذا المقترح أو هذه التوصية بالعمل على وضع مسطرة أو دليل للثيمات والسمات والكلمات ذات الدلالات التحريضية على خطاب الكراهية والعنف، والإنخراط في ورشات عمل تدريبية للإعلاميين، لتجنيبهم الوقوع في مصيدة خطاب الكراهية والتحريض، لكون الفارق بينهما وبين حرية الرأي والتعبير لا يكاد يظهر أو يبين.
إن أي خطاب كراهية يتضمن وبالضرورة خطابا تمييزيا وتحريضيا وأقصائيا واتهاميا، لعل كل واحدة منها تمثل جريمة اخلاقية قبل أن تكون جريمة قانونية.
إن استطلاع مركز حماية وحرية الصحفيين الذي صدر بالأمس منحنا المزيد من وضوح الرؤية حول حالة حرية الإعلام في الأردن سنة 2017، كما منحنا منظارا نقيس به واقع هذه الحرية في عام 2018، خاصة وان ثمة إيجابيات متواضعة لكنها جيدة طرأت على واقع حرية الإعلام في الأردن انعكست وبالضرورة على تقدم الأردن 6 درجات في مقياس حرية الإعلام وفقا لمسطرة منظمة مراسلون بلا حدود، وهو ما نطمح كصحفيين وإعلاميين البناء عليه وتعزيزه.//