رئيسا الوزراء والنواب: غايتنا تنفيذ مضامين خطبة العرش السامي جيدكو تشارك في قمة الريادة بالدوحة الجمعية الأردنية للماراثونات: استكمال التحضيرات لسباق أيلة نصف ماراثون البحر الأحمر إطلاق حملة للتوعية بأهمية الأمن السيبراني في مكافحة الفساد يهود أوروبا، التضحية بنتنياهو لإنقاذ اسرائيل السفارة الأردنية في الرباط تقيم معرضا للفن التشكيلي مجلس الأعيان يُدين الاعتداء على رجال الأمن العام عشرات المستوطنين المتطرفين يقتحمون الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال زين تطلق مبادرة لتمكين ذوي الإعاقة لبنان: شهيد اثر قصف إسرائيلي عنيف لبلدات جنوبية عمان الأهلية الثانية محلياً على الجامعات الاردنية بتصنيف التايمز لجودة البحوث العلمية متعددة التخصصات 2025 حماية المستهلك: ترفض تفرد نقابة الاطباء بتحديد الاجور الطبية وتطالب بتعديل التشريعات حزب عزم في بيان له هذا الحمى الاردني الهاشمي سيبقى عصيا شامخا على كل خوان جبان نظرة على الوضع المائي في الأردن مندوبا عن الملك.. العيسوي يطمئن على صحة مصابي رجال الأمن العام بحادثة الرابية المياه تواصل تنفيذ البرنامج التوعوي في مدارس المملكة مجلس النواب يعقد جلسة تشريعية لانتخاب لجانه الدائمة غدًا هذا الرجل يعجبني تنويه من مديرية الأمن العام بشأن تشكل الضباب في مختلف مناطق المملكة جلسة حوارية تناقش المنظومة التشريعية للحماية من العنف الأسري

أبو مازن والتوظيف المتأخر للتاريخ!

أبو مازن والتوظيف المتأخر للتاريخ
الأنباط -

كان الرئيس الفلسطيني أبو مازن مصراً على اعتبار المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر عام 1988 هو المجلس المفصلي وقراراته هي الأساس في المسيرة الفلسطينية وفقاً لكلمته الطويلة والطويلة جداً في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد مؤخراً في رام الله.

كلام عباس كان بمثابة لحظة يقظة سياسية، لأنه كان حسب ذاكرتي يعتقد أن ذلك المجلس الذي استمر التحضير له أكثر من عامين وعبر تدخل عواصم عربية عديدة متناقضة بالنهج والرؤية تجاه القضية، ومن خلال حوارات معلنة وغير معلنة، كان يعتبره انتصاراً لمنطق التفاوض السياسي وهزيمة لمنطق "المقاومة المسلحة". وأذكر شخصياً عندما كنا مجموعة من الصحافيين المدعوين إلى "دورة" ذلك المجلس أن عدداً منا نحن الصحافيين قد نزل في فلل "قصر الصنوبر" في العاصمة الجزائر، وعند توزيع الفلل علمت وقتها أن المرحوم جورج حبش رفض الفيلا الفاخرة التي تقع على البحر مباشرة، لأنها تحمل الرقم " 242 " وعندما علم أبو مازن وقتذاك بالقصة قال "أنا لها" في إشارة لا لبس فيها على موافقته ودعمه لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 242 المثير للجدل والذي كان القضية المحورية في تلك الدورة.

كانت الكلمة الافتتاحية لأبي مازن والتي تصدى من خلالها لتفنيد الرواية الصهيونية المتعلقة بفلسطين أو ما يسمونه الصهاينة "أرض الميعاد" ونفيها وتكذيبها أهم من انعقاد المجلس ذاته والذي وصفه عباس بأنه ينعقد لحماية "الحلم الفلسطيني" والحفاظ على منظمة التحرير، فالرجل فاجأ العالم بمنطقه الرافض للرواية الصهيونية التي تدعي أن الله قد وعد اليهود بفلسطين "أرض اللبن والعسل "، والمهم في تفنيد الرواية الصهيونية أن عباس لم يستند في دحض الرواية الصهيونية إلى القرآن الكريم مثلاً أو الأحاديث النبوية الشريفة، بل استند إلى مؤرخين وسياسيين يهود – وصهاينة من أبرزهم آرثر كوستلر مؤلف أخطر كتاب تاريخي في القرن العشرين ألا وهو "السبط الثالث عشر" والذي يشرح فيه أصل "اليهود" الذين هاجروا إلى فلسطين من أوروبا الشرقية وروسيا حيث خلص في ذلك الكتاب المثير للجدل إلى أنهم ليسوا ساميين كما يدعون بل هم أقوام من بقايا مملكة الخزر التي ازدهرت بين القرنين السابع والحادي عشر الميلاديين في منطقة بحر قزوين، وليسوا كما يدعون من أصول سامية شرق أوسطية. 

ويرى كوستلر أن أسباب اعتناق الخزر الديانة اليهودية يعود لأغراض سياسية ورغبتهم في الاستقلال عن كل من الإسلام في دولته العباسية وعن المسيحية في الإمبراطورية البيزنطية.

ومن أهم توابع ونتائج نشر هذا الكتاب هما أولاً، وفاة كوستلر في ظروف غامضة وبعض الروايات تقول إنه مات منتحراً وثانياً، وهو الأخطر اختفاء الكتاب من معظم المكتبات الأمريكية، بما في ذلك مكتبة الكونغرس التي كانت تحتفظ بنسخة واحدة منه.

كانت إشارة أبو مازن إلى آرثر كوستلر في نفى الرواية الصهيونية إشارة مهمة للغاية تماماً مثل إشارته إلى كارل ماركس وكتابه "المسألة اليهودية " والذي رفض فيه ماركس الربط بين الاضطهاد الذي لحق باليهود وبين ديانتهم "اليهودية"، وأرجع ذلك الاضطهاد إلى دورهم "الاقتصادي الطبقي و دورهم الاجتماعي" في المجتمعات الأوروبية حيث مارسوا "الربا " واحتكار تجارة الذهب والتجارة بشكل عام وتكديس الأموال في أيديهم. أما الهولوكوست فقد اعتبره أبو مازن في خطابه أنه كان توطئة للتخلص من اليهود وتجهيز وطن قومي لهم في شرق المتوسط خدمة للرأسمالية العالمية ومصالحها كما جاء في وثيقة كامبل بنرمان رئيس الوزراء البريطاني في مطلع القرن العشرين والتي صدرت في ختام اجتماعات سرية عقدت في لندن وضمت كل من بريطانيا – فرنسا– هولندا– بلجيكا –اسبانيا وإيطاليا.

خطاب عباس شكل صدمة لإسرائيل للدرجة التي اتهم فيها ولأول مرة من قبلها بأنه معاد للسامية، وطالبت أصوات إسرائيلية وأمريكية بضرورة تنحيته، والسؤال المطروح ما هي دوافع عباس من وراء هذا الخطاب "القنبلة"؟

شخصياً لا أملك تفسيراً لهذا الخطاب الخارج عن السياق العام للرجل وتعامله السياسي والفكري مع إسرائيل، فهل هو خطاب "صحوة الضمير"؟، أم خطاب الانقلاب على الذات؟ أم هو خطاب "اليأس" من إسرائيل وأمريكا وعملية السلام أم كل ما سبق؟

وفي كل الأحوال إن ما بعد الخطاب ليس كقبله ...، وله وبكل تأكيد تبعات لا أدري إن استعد لها الرئيس عباس أم لم يستعد؟

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير