وليد حسني
ثمة حدث امريكي مهم من المنتظر ان يشعل السوق الإعلامي الأمريكي والدولي اليوم الثلاثاء والمتمثل بصدور مذكرات جيمس كومي الذي شغل منصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي"أف بي آي" حتى أقاله ترامب في شهر ايار سنة 2017 .
ومنذ اشهر مضت وكومي يدلي بتصريحات ويفشي بعض أسرار كتابه في سياق الدعاية المبرمجة لمذكراته التي من المنتظر ان تفضح الكثير من خفايا الأخلاق البشعة للرئيس ترامب.
ومن المؤكد ان مذكرات كومي تستهدف بالدرجة الأولى الدفاع عن النفس امام سلسلة الاتهامات التي وجهها ترامب له حين أقاله قبل نحو سنة من الآن، وهو ما يجعل من تلك المذكرات نوعا من حرب كشف الحسابات الاخلاقية للطرفين، وإن كان السيد كومي يستهدف هدم المنظومة الاخلاقية للرئيس الأمريكي.
كومي قال في مناسبات عديدة ان أخلاق ترامب لا تؤهله لأن يكون رئيسا للولايات المتحدة، هذا يعني ان كومي يرى في رئاسة ترامب فضيحة اخلاقية بكل ما يحمله هذا التوصيف من معنى، وهو بالتالي يسقط المعجم الأخلاقي الكامل لمسطرة الرئاسة الأمريكية في عهد هذا الرجل الذي من المؤكد انه حول امريكا ومؤسستها السياسية والعسكرية لمجرد شركة ومجاميع من المرتزقة.
ولست هنا بصدد حصر تصريحات كومي الدعائية لمذكراته الفضائحية الكاشفة لدفتر الحساب الأخلاقي لترامب، ولكن يكفيني التاكيد على ان معظم ما يقوله كومي عن ترامب لا يبتعد كثيرا عن منظومة اخلاق جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين مع بعض الإختلافات البسيطة.
ففي مجال الكذب واحترافه فإنني لا اعرف على وجه اليقين أيا من الرؤساء الأمريكيين السابقين لم يكن كاذبا، وكذلك الحال فيما يتعلق بالعلاقات النسائية، وهو امر متفاوت من رئيس لآخر، لكن لا تزال قضية كلنتون ومونيكا لوينسكي تخرج من الذاكرة وتتدافع دفعا.
وفيما يتعلق بالانحياز للارهاب وجرائم قتل المدنيين والعدوان على دول ذات استقلال وسيادة فحدث ولا حرج، إن التاريخ الأمريكي منذ بواكيره وحتى اليوم قام على قاعدة إلغاء الآخر، والتجبر الدولي بمنطق القوة، وتنمر على القانون الدولي والأخلاق الإنسانية مجتمعة.
أخلاق السيد ترامب في غاية البشاعة والخفة، ولم تعط للكرسي الرئاسي في واشنطن أية قيمة مضافة، إن الهيبة الأمريكية تم فرضها منذ عقود طويلة مضت بمنطق القوة والتجبر والسلاح، وما فعله ترامب ببلده انه حول جيشها بكامله الى قطيع من المرتزقة، وأصبحت امريكا في عهده مجرد دولة تحكمها الأكاذيب، والإنحيازات المكشوفة دون النظر للناس ولمنظومة الاخلاق الإنسانية التي تجردت امريكا منها تماما وتحولت الى دولة متوحشة بأنياب ذئبية مسعورة.//