سياسات الولايات المتحدة، واسرائيل، ازاء ايران، تعتمد حاليا، ومنذ سنوات ايضا، سياسة تقطيع الاطراف، اي اذرع ايران في عدة دول، وهذا ما شهدناه في سوريا،تحديدا، التي تم انهاكها وتدمير كل بنيتها، في سياق الحرب على المعسكر الايراني وتوابعه.
لكن هذه الحرب التي حققت غايات كثيرة، للاميركيين والاسرائيليين، ليست نهاية المطاف، اذ ان الدولة السورية الضعيفة اليوم، ليست آخر حلقات الحرب، ومن المؤكد ان نقل الحرب الى ساحة جديدة، امر مؤكد، واضعف الحلقات هنا، قد تكون لبنان، لاعتبارات مختلفة، ابرزها الجوار مع فلسطين المحتلة، ومخزون السلاح لدى حزب الله، والحاجة الى الحاق لبنان بسوريا المدمرة.
الذين يحتفلون بانتصار النظام السوري في الحرب، لا بد ان يدركوا ان هناك تتابعات لهذه الحرب، وقد يكون العراق هنا مؤجلا، لاعتبارات مختلفة، برغم التمدد الايراني فيه، الا ان الاولوية هي للمساحات المجاورة لفلسطين المحتلة، والتي قد تهدد الاحتلال الاسرائيلي.
لبنان من هذه الزاوية مهدد بقوة، عبر احد سيناريوهين، اما تفجير الوضع الداخلي، بشكل او باخر، واشعال حرب بين الفرقاء وضد حزب الله، عبر تدبير حوادث تؤدي الى هذا الانهيار، وهو انهيار لا تريده فرنسا ولا دول اوروبية، لكنه مطلوب اسرائيليا، على خلفية تصفيات الملف السوري، وما يتعلق بإيران، فيما السيناريو الثاني، يؤشر على حرب اسرائيلية كبيرة، وصعبة، ضد حزب الله، ولبنان، ايا كانت كلفة هذه الحرب بالنسبة لكل الاطراف.
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت يتوقع في تصريحات له اندلاع حرب مدمرة هذا العام ستأتي على حزب الله اللبناني، مستبعدا تدخل إيران لنجدة حلفائها في المنطقة، ويقول « الخطر العسكري الأكبر على إسرائيل يكمن في الجبهة الشمالية لاسرائيل، المتمثل بإيران وسوريا ولبنان، وعمليات اسرائيل العسكرية في سوريا لا تزال مستمرة ولن تتوقف.»
ذكر ايزنكوت ايضا أن هذه الحرب في حال اندلاعها، لن تكون مثل سابقاتها، وأن «كل ما يقع تحت استخدام حزب الله في لبنان سيدمر، من بيروت وحتى آخر نقطة في الجنوب».
في تقييمات لمحللين، فان لا مصلحة لاسرائيل ولا لدول مؤثرة في العالم، بوقوع حرب ضد لبنان، وهذه مجرد تقييمات قائمة على مبدأ المهادنة التي اتسمت به المنطقة، خلال السنين الفائتة، وادارة الحروب بالوكالة ضد ايران، في سوريا، وهو مبدأ قد لا يكون قابلا للاستمرارية، بسبب التقييمات النهائية لملف الحرب السورية، ومدى تحقيق الغايات ضد ايران في سوريا، اضافة الى الاخطار التي تمثلها ايران بعيون اميركية واسرائيلية، والارجح ان ادخال لبنان في نفق تصفية الحسابات، امر وارد تماما، خلال هذا العام، او العام المقبل.
قد تكون تصريحات رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية، مجرد رسائل تهديد، لان العادة جرت ان الحروب تشن بشكل مباغت، دون مقدمات مسبقة، ومن هنا، يمكن استغراب التصريح، واعتباره مجرد تهديد، لكنه في المحصلة لا ينفي وجود توجه ضد لبنان خلال الفترة المقبلة.
معنى الكلام، ان الفواتير التي يراد تنزيلها على ايران، مباشرة، وفي ساحات متعددة، لا تزال مستمرة، وقد تكون لبنان المحطة المقبلة، في مشرق مبتلى بكل انواع الحروب والصراعات.
الدستور