د. عصام الغزاوي
لم أكن أتخيل يوماً أن الجباه السُمر التي تشرفت بحمل شعار الامن العام وتنافسوا على خدمة وطنهم وقيادته في الحر والقر، والعيون التي كانت تسهر على أمن الوطن وحمايته سينتهي بها الأمر في السهر على حراسة شركات ومصالح أصحاب رؤوس الأموال لمواجهة متطلبات الحياة في مجتمع استهلاكي إستنزف كل ما يملكون.
إن عجز المتقاعد عن مواجهة ضروريات العيش الكريم هي أصدق شهادة على نظافة يده وعدم استغلاله لوظيفته، ولا يجوز أن يكافأ على ذلك بإستجداء الفاسدين، متقاعدو جهاز الامن العام وإن خلعوا الزِّي العسكري هم لم يخلعوا إنتماءهم لوطنهم وولاءهم لقائد الوطن، هم رديف للأجهزة الأمنية وأيديهم جاهزة لحمل السلاح للدفاع عن امن الوطن وهم في نفس الوقت جنود يحملون معاول البناء والتعمير لرفعة الوطن الذي حمته سواعدهم، هم كأي مواطن أردني يتأثرون بالقرارات الحكومية الإقتصادية المجحفة وبالأوضاع المعيشية الصعبة وهم ضد الفساد والمفسدين، لكنهم ليسوا مع التطاول على الوطن لأنهم تربوا على ثوابت وطنية لا يمكن أن يتجاوزها احد منهم أو يتطاول عليها ...
لأسباب لا مجال لذكرها تعثر صندوق اسكان ضباط الامن العام وبعد استنفاد كافة الوسائل في مخاطبة الجهات المختصة، وأمام عدم الجدية بتقديم الحلول المناسبة لمعالجة موضوع الصندوق المتعثر اضطروا الى اللجوء لقائدهم الأعلى جلالة الملك المعظم، اطال الله في عمره، وتنفيذ اعتصام امام الديوان الملكي العامر بيت الاردنيين يوم الثلاثاء 2018/2/20 لإنصافهم برفد الصندوق بالمخصصات وزيادة قوائم المستفيدين لتسريع الدور، كان إجراء معيبا جانبه الصواب إستقبالهم بحشد من قوات الدرك والهراوات والزنازن في موقع الاعتصام مما وضعهم كضباط متقاعدين في موقف محرج امام زملائهم وقد يكون بينهم ابناء لهم او تلاميذ تدربوا على أيديهم، هذا الإجراء يحمل في طياته سابقة خطيرة قد تهدد نسيج المجتمع الاردني.
كان الأولى ان ينتبه أصحاب القرار لمطالب المتقاعدين ومعالجتها حتى لا يقعوا فريسة بأيدي الحاقدين على الوطن، المتقاعدون ليسوا متظاهرين بل ان جل همهم وهاجسهم أمن الوطن، ويخشون عليه حتى لو حاول البعض إستغلال فقرهم ومطالبهم في تسجيل المواقف والتلاعب بمشاعرهم، لأنهم أقسموا على الدفاع عن الوطن والولاء لقيادته الهاشمية ولن يحنثوا بقسمهم، ويراودهم الأمل أن جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي غمر منتسبي القوات المسلحة والاجهزة الامنية بمكارمه الملكية لن يقبل لرفاق السلاح هذا الإجحاف، المتقاعدون أفنوا زهرة أعمارهم في بناء وحماية الوطن ينتظرون حقهم بدورهم بالإسكان وهم احياء لا ان ينتفع به ورثتهم !!!//