بلال العبويني
من المقرر أن تعرض اليوم على جدول أعمال مجلس النواب مذكرة حجب الثقة عن الحكومة، وإن كان التمني حاضرا دائما في أن ينجح النواب ولو لمرة واحدة في استخدام حقهم الدستوري والذي يشكل أعلى درجات المراقبة على الحكومات.
إلا أن الأمر مختلف هذه المرة، عند التفكير في الإضافة التي من الممكن أن تضيفها الحكومة المقبلة والتي ستجعلها مختلفة عن الحكومة الحالية أو من سبقتها من حكومات.
ما تعانيه الحكومة الحالية، ليس مرتبطا بها بشكل أساسي بل متعلق بنهج ممارسة الحكومات عملها، ومتعلق بذات المنهجية التي يتم من خلالها تشكيل الحكومات في ظل ضعف الحياة السياسية والحزبية وضعف البرلمان الذي لا ينتمي الغالبية العظمى من أعضائه إلى الأحزاب أو حتى إلى الطبقة السياسية التي مارست العمل السياسي بشكل أو بآخر خارج الأطر الحزبية.
بالتالي، فإن الفائدة ستكون معدومة في حال نجح النواب في حجب الثقة عن حكومة الدكتور هاني الملقي، لأننا سنكون خلال أيام أمام حكومة شبيهة حد التطابق بحكومة الملقي ومن سبقتها من حكومات، وإن اختلف شخص الرئيس وطاقمه من الوزراء.
هذا من جانب، ومن آخر فإن التجربة تقول إن النواب لن ينجحوا في مسعاهم، وبالتالي، فإننا لسنا مع مذكرات حجب الثقة بالحكومات من حيث الأساس، ذلك انها سلاح غير فعال، ويساهم في تجديد الثقة بالحكومات لا العكس، وهو ما يعطيها من القوة والجرأة في اتخاذ قرارات أصعب على المواطنين من التي سبقتها، انطلاقا من الثقة الجديدة التي حصلت عليها.
وذلك، دون أدنى شك يساهم في الأخذ من رصيد مجلس النواب، المتدني بالأصل لدى المواطنين، ويزيد من ضعفه إلى مستوى متدن جدا، وهو ما لا يخدم المشهد السياسي المحلي بالمطلق.
النواب لن ينجحوا في مسعاهم، نقول ذلك ونحن متأكدين، لأننا لم نصل إلى حالة من الاستعصاء السياسي تجعل معه من السهولة بمكان التضحية بالحكومة عبر حجب الثقة، لأننا نعتقد أن حجب الثقة عن الحكومات له كلفة سياسية كبيرة من الممكن أن تشكل أرضية للتعامل وفقه مع الحكومات المقبلة.
وهذا ما ليس مطروحا اليوم، تحديدا أن حكومة الملقي لم تخالف نهج الحكومات السابقة، وجاءت إلى رئاسة مجلس الوزراء عبر ذات الآلية التي جاءت بها من سبقتها، وبالتالي فإن مصير مذكرة الحجب هو ذاته المصير الذي انتهت إليه مذكرات الحجب السابقة.
ما يجب التأكيد عليه، أن المأزق الاقتصادي الذي نعيشه اليوم، ليس مرتبطا بالحكومة بالدرجة الأولى بل هو مرتبط بمجلس النواب أيضا الذي أقر الموازنة العامة للدولة قبل أقل من شهرين، بما فيها من قرارات تحرير سلع ورفع أسعار وضرائب، وبالتالي، فإن مذكرة الحجب، وإن جاءت من معارضين للموازنة، إلا أنها تدخل في خانة الاستعراض النيابي لا أكثر، مثل ذلك الاستعراض الذي اعتاد عليه نواب بالتلويح بتقديم الاستقالة.
لسنا ندافع عن الحكومة بكل تأكيد، بل هي تستحق مغادرة المشهد سريعا، لكن قبل ذلك يجب العمل طويلا حتى نكون أمام مشهد سياسي صحي من حيث اختيار أعضاء مجلس النواب على أسس برامجية سياسية وحزبية، ومن حيث اختيار الحكومات من الكتل النيابية الحزبية البرامجية التي تشكل الغالبية، عندها سيكون لمذكرات حجب الثقة فائدة كبيرة، وستحسب لها الحكومات ألف حساب، وغير ذلك فإن الحكومات ستُقبل إلى جلسات حجب الثقة هرولة، لأنها بالنسبة إليها إعادة تجديد للثقة لا غير.//