سائق ومسؤول.. رهان الحق أمام الباطل
حسين الجغبير
لعل في حالة الظلم التي تعرض لها أحد سائقي الباصات على طريق إربد، والتي أثارت سخط الاردنيين، نتيجة إقدام مسؤول كبير على الادعاء بأن سائق الباص متهور في السواقة ويهدد أرواح الركاب، دروسا مستفادة، وعبرا، تمتزج بألم عدم اتخاذ اجراءات قاسية بحق هذا المسؤول، ففي محاسبته تحقيق لمبدأ المساواة وسيادة القانون التي طالما نادى بها جلالة الملك.
قصة السائق والمسؤول، كانت بمثابة رهان بين الحق والباطل، انتهت أمس بدعوة السائق إلى الديوان الملكي، دعوى تعكس أهمية أن "بيت الملك" ملاذ آمن لكل من يتعرض للظلم، لكن في ذات الوقت لا بد من اجراءات قانونية بحق المسؤول، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه التعالي على أي مواطن، من منطلق أن لا صوت له، متناسين أن صوت الحق يعلو في نهاية المطاف.
وفي ذات الاتجاه، ورغم أن بيان مديرية الأمن العام أشار إلى أنها عمدت مشكورة إلى التحقيق في الحادثة، لتعلن حفظ المخالفة بعد أن تبين لها أنها جاءت بناء على اتصال من مواطن، وأن مزاعم هذا المواطن غير صحيحة، فإن مسؤولية الامن محاسبة صاحب الشكوى الكاذبة، باعتباره وفق القانون أقلق السلطات ببلاغ كاذب، كما أن الحكومة مسؤولة أيضا عن محاسبة من يستغل نفوذه، وسلطته، وفي بعض الأحيان جبروته.
من هو هذا المواطن؟، وما هي التدابير التي يجب أن تؤخذ بحقه؟، ولماذا محاولة "ضبضبة" القصة؟، ومتى سنتخلص من عقلية "لفلفة" الأخطاء ومداراتها، إذا ما ارتكبت من قبل مسؤول؟، أو لم يقل الملك أن الجميع سواسية أمام القانون؟.
سائق الباص، كان صاحب سلوك حضاري، نشميا، لم يسكت عن حقه، وإن كان فقيرا، فقد أثبت بأنه ليس ضعيفا، تعامل مع القصة بمسؤولية فقدها "صاحب البلاغ الكاذب"، فهو من وجهة نظره لم يخطئ، وبالتالي أدرك أنه مطالب بإثبات براءته، وهذا ما كان له.
أوراق الملك النقاشية، كانت تؤسس لدولة حضارية، يحكمها القانون، فهي بمثابة دليل للسير على خطى الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فلم تأت عبثا، ولم تكن حبرا على ورق، بل كانت رسالة واضحة لكل مواطن ومسؤول، حيث الجميع مطالب بالعمل من أجل أردن أفضل وأنظف، لذا لا بد من آلية لمتابعة تنفيذ هذه الأوراق، يستشعر الأردنيون نتائجها تباعا، فيطمئنون ويهدأ روعهم.
القصة لم تكن مخالفة سير، وسائق باص، ومسؤول، بقدر ما هي قانون، يجب أن أشعر كمواطن بدفئه وعدله.//