كتّاب الأنباط

الردع بالإقالة ..

{clean_title}
الأنباط -

الردع بالإقالة ..

 

وليد حسني

 

اعترفت مديرية الأمن العام ببراءة سائق حافلة جت في بيان نشرته أمس بعد ان التقى رئيس الديوان الملكي د. فايز الطراونة بمدير عام شركة جت والسائق الذي وجد نفسه والى جانبه ركابه ضحية سلوك غريب من موظف في الديوان الملكي.

القصة باختصار شديد تتلخص في حافلة جت المتجهة من عمان الى اربد تتبعها سيارة سوداء ـ أنا شخصيا من هذه السيارات ــ تلاحقه بالزامور، ثم تتجاوزه وتقطع عليه وعلى ركابه الطريق، ويتم إنزال السائق وتعنيفه، ثم اتصال هاتفي من صاحب السيارة السوداء بالامن العام، ليتم الاتصال والتعميم على سائق الحافلة الذي يجد نفسه مرة اخرى امام دورية شرطة تحرر له مخالفة معنونة "بأمر من مدير الأمن العام".

هذا هو الجزء الأول من الصورة التي تفتقد تماما للعديد من التفاصيل لعل اهمها لماذا لاحق المسؤول في الديوان الملكي الحافلة واتعبها واتعب صاحبها وركابها بالتزمير، ثم كيف قام الموظف بقطع الطريق على الحافلة في شارع يفترض انه يغص بالسيارات، وما هي القوة المحضة التي يتمتع بها ذاك المسؤول ليستطيع تحريك الأمن العام لمطاردة سائق وإيقافه وتحرير مخالفة له.

تلك بعض الأسئلة وليس كلها لكن الأهم أن بيان مديرية الأمن العام بدا بهيا وشفافا تماما فقد اعترف بخطأ الشرطي وقام بتبرئة السائق والأهم نفيه أن يكون السائق قد قاد حافلته بسرعة تعرض الركاب للخطر، وهنا مكمن التساؤل الرئيس، وهو لماذا إذن لاحق المسؤول في الديوان الملكي تلك الحافلة وقطع الطريق عليها؟ وما الذي كان يتهيأ له ليقوم بهذا العمل الغريب؟.

لم تتضمن الروايات شيئًا من الإجابات على هذه الأسئلة في حادثة أشعلت وسائط ومنصات التواصل الاجتماعي مشكلة حالة ضغط دفعت برئيس الديوان الملكي د. فايز الطراونة لعقد مصالحة في بيت الأردنيين بين مدير شركة جت وسائق الحافلة وبين الموظف المستشار في الديوان الملكي.

حتى تلك الحادثة الغريبة بكامل تفاصيلها فإن رجالات الديوان الملكي ظلوا بعيدين تماما عما يمكن أن يسيء للديوان الملكي، وظلوا يعيشون في الظل يخدمون بصمت، ويعينون الملك والشعب بصمت أيضًا، وظلت السرية المطلقة هي الناظم لكامل حياتهم وتفاصيل أيامهم، حتى جاءت تلك الحادثة لتخدش هذه الصورة لموظفي الديوان.

المواطنون الذين يثقون بمؤسسة الديوان الملكي يحتاجون لرواية تفسر دوافع الموظف المسؤول في الديوان، لماذا تصرف هكذا؟ وعلى ماذا اعتمد؟ وعلى ماذا كان يراهن؟ فهذه الرواية لم نسمعها نهائيًا وظلت مغيبة تمامًا باستثناء رواية السائق وشهوده.

والأهم من ذلك كله فإنه يجب عدم الاكتفاء بتلك المصالحة التي رعاها الرئيس د. فايز الطراونة في بيت الأردنيين، وإنما عليه إقالة ذلك المسؤول إذا لم تتوافر لديه مبررات مقنعة، ولا أظنها متوافرة أصلًا بدليل بيان مديرية الأمن العام، فضلًا عن عدم وجود أية ضمانات قد تردع ذلك المسؤول وغيره عن تكرار القيام بمثل تلك المغامرات السيئة.

إن الردع بالإقالة أقل ما يمكن اللجوء إليه هذا الأوان، فلا ضمانات لعدم التكرار، ونحن لم نعد نحتمل مثل تلك المغامرات....//

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )