مسؤولية القطاع الخاص تجاه الإعلام
حسين الجغبير
في خضم معركة الصحف اليومية مع حالة التردي المالي التي تعيشها نتيجة شح سوق الإعلان وزيادة كلف الانتاج، والضرائب التي تفرض عليها والتي كان آخرها ضريبة 10% بدل كل اشتراك، وقرار الحكومة بخصوص نشر الإعلانات القضائية في الصحف الأكثر انتشارا فإن بقاء المؤسسات الصحفية على المحك، وأزمة تلوح بالأفق خصوصا بالصحف التي تأثرت بشكل كبير بالقرار الحكومي.
في لقاء الملك الأخير مع طلبة الجامعة الأردنية كان للإعلام حيز في حديث جلالته، كركيزة أساسية، يجب أن تتطور كونها صوت الأردن، محليا وعربيا، وما كان حديث الملك عبثيا، فهو يدرك أهمية استمرار المؤسسات الإعلامية في عملها وتأدية رسالتها.
بيد أنه على أرض الواقع، فإن المعادلة يبدو أن الملك وحده يفهمها جيدا، فيما كافة مؤسسات الدولة سعيدة إلى حد متفاوت بحالة الشرخ التي تصيب الجسم الإعلامي، بل البعض يساعد على وأد هذا الجسم لأسباب لم نعد قادرين على فهمها، حتى غدت الاف العائلات التي طالما اقتاتت من عملها في الإعلام مهددة بمزيد من الفقر والعوز.
وفيما القطاع الحكومي في سبات عميق تجاه أزمة الصحف، فإن القطاع الخاص في سبات أعمق، حيث تبعد نظرها عن المؤسسات الإعلامية، بدلا من دعمها عبر تخصيص مبالغ مالية من موازناتها كإعلانات تنشر في هذه الصحف ما يضمن مردودا ماليا يساعد إلى حد بعيد في استقرار العمل الإعلامي في الأردن.
القطاع الخاص من شركات اتصالات، وشركات تجارية، وشركات محروقات، وبنوك، ومجمع الأعمال، لن يضيرها ماليا زيادة حصص الإعلانات بها لصالح المؤسسات الإعلامية، حيث أن أرباح هذه المؤسسات تتجاوز الملايين كلا على حدة، والغريب في الأمر أنها تعمد إلى خفض المبالغ المخصصة لدعم الإعلام عبر الإعلانات والاشتراكات، ما زاد من أزمة الصحف اليومية.
على القطاع الخاص أن يتحمل مسؤوليته تجاه المؤسسات التي تعتبر في أي دولة في العالم صوت الوطن، تدافع عنه، وترفع من شأنه، وتؤدي رسالة مؤثرة، عبر منافذها التي تخاطب من خلالها المجتمع.
على القطاع الخاص أن يدرك أنه شريك في نهضة الوطن، وأن الهدف منه ليس فقط جني الأموال والأرباح الطائلة، بل عليه مسؤولية اجتماعية، تجاه الإعلام والصحة والتعليم، وغيرها من القطاعات التي تنتظر منهم المزيد من الاهتمام.
عندما تتحدث الدولة عن تشاركية بين القطاعين العام والخاص، فإن ذلك يأتي انطلاقا من أن كل منهما جزء مهم، له دوره الحقيقي، الواجب تنفيذه بعيدا عن التهرب و"الاستعماء"، لذا، يجب على هذه الشركات والمؤسسات الاقتصادية النهوض بفكرها تجاه كل ذلك، وإلا فالنتائج ستكون وخيمة لا قدر الله.
للأسف، القطاع الخاص، كما العام، وجهان لعملة واحدة، ينظر إلى مؤسسات إعلامية وطنية تنهار، وينتظر جنازتها للسير فيها، دون أن يرف له جفن الشعور بالمسؤولية، فهو من بيده الدواء الذي من شأنه أن يعيد الحياة لهذه المؤسسات.//