بلال العبويني
في جلسات النقاش التي تتناول الشأن المحلي ثمة من يطرح سؤالا مفاده، ما الذي تبقى من سلع أو خدمات لم يطاله الرفع؟، والجواب يكون متباينا على ذلك بين من يرى أنه لم يبق شيء ومن يرى أن ثمة المزيد من السلع والخدمات التي تتربص بها الحكومة وتتحين الفرصة المناسبة لإعلان أسعارها الجديدة.
خلال الأيام الماضية، أثبت أصحاب وجهة النظر الثانية صوابية ما ذهبوا إليه، بما أقدمت عليه الحكومة من قرارات متلاحقة بتحرير سعر الخبز ورفع أسعار سلع وتعرفة كهرباء ومن ثم العودة وخلال فترة قصيرة لاستهداف الكهرباء مرة أخرى ورفع تعرفة المحروقات.
في موضوع المحروقات تحديدا، ثمة من اعتقد أن الحكومة ستثبّت تعرفتها لهذا الشهر، بعد أن تأجل اجتماع لجنة التسعير عن موعده المحدد، بيد أن الحكومة عادت ورفعت تعرفة المحروقات بعد ما قيل عن خلافات داخل اللجنة على نسبة الرفع.
خلافات اللجنة أيضا فتحت بابا واسعا للسؤال عن شفافيتها في تحديد السعر الحقيقي ومدى انسجامها وأهليتها واستقلاليتها في تحديد السعر الشهري للمحروقات.
ليس هذا فحسب، بل إن المواطنين سيركبون الأربعاء المقبل وسائط النقل العام بتعرفة جديدة بعد أن طالها الرفع، وربما لن يكون بمقدور الفقراء الشهر المقبل أيضا، أن يأكلوا ساندويتش الفلافل من مطعم شعبي بخمس وثلاثين قرشا، لأن الرفع سيطالها هي الأخرى لا محالة، ألم ترتفع الكلفة على هذه المطاعم بعد ارتفاع سعر كيلو الخبز؟.
وقد تلحق بتلك القوائم قريبا أسعار الكثير من السلع المجمدة والمبردة، أليست فاتورة الكهرباء سترتفع على تجار المجمدات أيضا، والذين سيعوضون الفرق في فاتورة الكهرباء برفع أسعار السلع التي يتاجرون بها.
ما ذكر سابقا ليست إلا أمثلة بسيطة من بحر السلع التي طالها أو سيطالها الرفع، في الوقت الذي لم يطرأ أي تغيير على رواتب الموظفين الحكوميين او حتى غالبية موظفي القطاع الخاص منذ سنوات.
ويأتي بعد ذلك من يقول إن المواطنين سيشعرون قريبا بفائدة هذه الإجراءات الاقتصادية، ومن يقول إن شبكة الامان الاجتماعي ستعوض المتضررين من ارتفاع سعر الخبز، دون أن يشير إلى تأثر العديد من السلع نتيجة لذلك الارتفاع.
رقم الـ 171 مليون دينار المرصود في الموازنة على أنه شبكة أمان اجتماعي للمتضررين من الخبز، لا شك أنه رقم ضئيل ولا يتناسب مع ما يواجهه الأردنيون من تحديات نتيجة الارتفاع المتوالي على أسعار السلع، هذا من جانب، ومن آخر لا يحقق هذا البند الأمان الاجتماعي للمواطنين بما اشترطت الحكومة للحصول على الدعم للأفراد الذي تقل رواتبهم السنوية عن 60 آلاف والعائلات عن 12 ألف، لأن هذا الشرط حرم فئة واسعة من المتضررين من تلقي الدعم رغم استحقاقهم له بما يعانوه من أعباء وارتفاع في الأسعار.
ماذا بعد؟، لا أحد يعلم طالما أن الحكومة مستمرة على ذات النهج، غير أن ما هو معلوم أن من استدل إلى فرض ضريبة على أوزان السيارات المستوردة، سيكون بمقدوره إبداع سلع أو خدمات جديدة ليطالها الرفع.
هل هذا الوضع صحيا؟، ليس صحيا البتة، فليس هكذا يكون الاعتماد على الذات، لأن الذات لم تعد تملك شيئا وهذا ما يجب أن تفكر فيه الحكومة قبل أن "يقع الفاس بالراس" لا سمح الله.