م. هاشم نايل المجالي
ان الخريطة الحزبية قد تغيرت وبدأت تظهر العديد من الاحزاب الجديدة التي تسعى لاثبات وجودها في الشارع السياسي والاجتماعي ، بجانب حضور احزاب موجودة سابقاً غالبيتها يعاني من غياب التمويل والدعم اللازم لها لتنفيذ خططها وبرامجها لتبقى حبيسة الادراج وتقتصر على التنظير الاعلامي وتفقد ثقة الشارع بها لتتوالى الانسحابات والاستقالات منها ، وبعضها حل نفسه بعد ان وجد عدم استجابة من الجهات المعنية لسياسته التقليدية والتي لا تواكب الحداثة والتطور في النهج السياسي والاجتماعي ، ولم يعد لها ثقل حقيقي بالشارع حتى خسرت الكثير من المقاعد في العديد من الانتخابات وبقي تمويل هذه الاحزاب مقتصراً على الاعضاء وبعض رجال الاعمال والدعم الرسمي علماً بأن هناك تكلفة باهظة للمؤتمرات والندوات والدعاية والاعلان للانتخابات وغيرها ، اضافة لتكلفة فتح المقرات في المحافظات وما يترتب عليها من مصاريف ومشاركات واثبات الوجود هناك من خلال القيادات الشبابية في المجتمع .
هذا العجز سبب في عدم قدرة تلك الاحزاب من سد الفراغ السياسي والاجتماعي والخدماتي لاثبات الموجودية الفعلية والحقيقية على الساحة ، ان معاناة هذه الاحزاب وان اختلفت بالفكر والمنهجية كان لا بد عليها من عمل تحالفات وائتلافات سياسية واندماج فيما بينها ، لمواجهة مشكلة التمويل ولتوحيد الاهداف والاستراتيجيات الوطنية بافكار مشتركة لملء مساحة من الفراغ السياسي والاجتماعي ، حيث ان اي حزب يحتاج ايضاً الى خبرة سياسية والمشاركة بكافة الفعاليات والانشطة لتحقيق احلام الشباب في المشاركة الفاعلة ومحاربة مشكلة الفقر والبطالة ببرامج هادفة .
ليطل علينا بعض القوى السياسية بصيغة لاحزاب جديدة ذات اقطاب سياسية علنية ومخفية في هذه المرحلة الراهنة والتي لا تتحمل المغامرة ، بتفاوت كبير عن الاحزاب التقليدية خاصة من لها علاقة قوية مع غالبية ابناء الشعب ومنها الاسلامية ، لتبدأ هذه الاحزاب الجديدة مرحلة تدريب الشباب في المحافظات على العمل السياسي والشعبي لخلق كوادر جديدة للترشح ولزيادة روح الانتماء ولعمل حراك سياسي ، يواجه احزاب التنظيمات المختلفة التي ركزت على دور الشباب في الاعتصامات والمظاهرات في الشوارع والميادين ، بل عليها ان تتعرف على هموم ومشاكل الشباب ومطالبهم المشروعة وتذليل الصعاب في عملية بناء قدراتهم وتنمية افكارهم في كافة المجالات ، متناسباً ايضاً مع البعد التنموي وبرامج تخدم التغيير بثقافة المجتمع ليواكب التطورات الحضارية ، خاصة ان هناك فئات متنوعة ومختلفة من الشباب ذات ميول متباينة ولا ننسى ان هناك شباب متعلمين وحرفيين وعمال ومزارعين وهناك من لا مهنة له ، ومن اجل خلق عدالة اجتماعية وتعزيز المواطنة حتى يكون على قدر كافٍ من تحمل المسؤولية للنهوض بالوطن والحفاظ على امنه واستقراره ، وليحل الشباب في المجالس والمواقع المختلفة تدريجياً محل الكهولة من الموظفين استعداداً للمستقبل ، وبالتالي نسيطر على العنف المجتمعي والسرقة والبطالة وتجارة المخدرات بالوعي والفهم والادراك عند توفير فرص عمل شريف للشباب وتوظيف طاقاتهم لصالح الوطن والقضاء على الفراغ بلا مضمون ، وان يتم وضع ضوابط لسوق العمل ولمواجهة العمالة الوافدة ليحتل شباب الوطن مكانتهم والاهتمام بهم وان يكون لهذه الاحزاب دور فاعل في خطط وبرامج ومشروعات التنمية والنهوض بالمجتمعات ، خاصة ان الشباب لهم فكر حديث وافكار مبدعة وهم الصف الثاني الذي سوف يتحمل المسؤولية مستقبلاً ، وان نركز بالمناطق النائية على الشباب من الطبقة الدنيا ومن سكان العشوائيات حتى يشعروا بالاهتمام والمساواة وحمايتهم من الانحراف ، والدور الفاعل للشباب المنتمي سوف يمنع اي شكل من اشكال التزوير بالانتخابات خاصة المال الفاسد الذي يلعب دوراً كبيراً في تولي العديد لمناصب قيادية .
وحتى لا تبقى الاحزاب ديكوراً بلا مضمون احزاب شخوص سياسية فقط مرتبطة بعلاقات شخصية او مصالح فردية ، وتكون رهينة التقلبات والمزاجية التي تعصف بالحزب يميناً ويساراً لتفقد البوصلة الوطنية لمسارها الحقيقي لتكون في مهب الريح كونها احزاب مبنية على علاقات ومصالح شخصية وبالتالي تكون قابلة للتلاشي والاندثار ، فإلى متى سيبقى هذا الفراغ السياسي الحزبي الغير مبني على اسس صحيحة وسليمة ولا على برامج ميداينة فعلية وحقيقية تخلو من المضمون الوطني ، لمعالجة الازمات والقضايا المختلفة واذا كانت المتوالية الحسابية هي متتالية من الاعداد حيث يكون الفرق بين اي حدين متتالين ثابتاً ، فيجب ان لا تكون الاحزاب في متوالية حزبية الفروق بينها ثابتة في المصالح الشخصية .
hashemmajali_56@yahoo.