كتّاب الأنباط

 البطاقة حمراء

{clean_title}
الأنباط -

 البطاقة حمراء

بلال الذنيبات

    بادىء ذي بدء لا أود أن يفسر كلامي على أنه "كلام عابر" أو يهدف للفت في عضد الوطن الذي نُحب ، و لكن الضمير يفرض عليَّ دونما إبطاء أن أكون ممن يدافعون عن الوطن الذي نحب "سماءه و آمنه و هدوءه" ، و إني كم أفخر بعبقرية قيادة هذا البلد العظيم  و التي هي ليست محل شك البتة.

   إلا أن الحكومة بسلوكياتها الأخيرة و في ظلِ ظروفٍ جد خطيرة إبتداء من موقف مليكنا المفدى من القدس و إنتهاء  بتداعيات فرضتها الإدارة الأمريكية علينا لا يمكن لعاقلٍ مُتبصر إلا أن ينظر لها بشيءٍ من الحذر  ، تفرض  - الحكومة  -  وقائع جديدة و هي ضرب حالة الولاء لها و الثقة بها خاصة و نحن بتنا نرى تأييدا و تبريرا و تعاطفا من قبل البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمن تسبب بجريمتي السطوّ المُسلح على بنكين في عمّان خلال إسبوعٍ واحد و تضخيم جرائم السرقات قد ينذر  بخطرٍ ما فنحن أمام حرب نفسية و إعلامية علينا مجابهتها "أرباب قلمٍ و فكرٍ" و مؤسسات دولة على نفس المستوى ، إنطلاقا من إيماننا بوطننا العزيز.

      لقد برهنت حادثتا سرقة بنكين مؤخراً على تغلغل السلبية و اللا أمل في نفوس البعض في الشّارع و الذي بات يبدي تعاطفه عبر "مواقع التواصل الإجتماعي" و لا يجب إعتبار هذا الخطاب المتداول مجرد نكات أو حكي فاضي إنما هو يعطي مؤشرات و دلائل خطيرة لها مدلولات بالغة الخطورة على الإستقرار و الأمن الوطني الذي هو أغلى ما نملك كمنجز حضاري على إمتداد سنوات سبع عجاف في المنطقة العربية.

    بتنا نشعر كمتابعين أولا و مختصين بعلم الاجتماع في المحل الأول أن مجتمعنا بلغ حدوداً خطيرة من الكبت نتيجة تنامي إضمحلال القوى الشرائية و تآكل المداخيل خاصة في أننا نرى إنعداماً لفرص العمل للشّباب و تغلغل أفكار ذات منحى خطير في عقول الشّباب تدفع بهم للتعاطف مع لص أو حتى التحوّل لكي يكونوا لصوصاً في وضحِ النهار.

      و الحكومات "المتعاقبة" و التي عملت منذ عقود على سياسة الرفع زادت من إفقار المجتمع و متعلقات ذالك الإفقار من أفكار متباينة تشكل خطورة في بعضها على الأمن الوطني.

       و رغم الحديِثّ المتواصل عن توفير فرص التشغيل إلا أننا لا نرى شيئاً في حين أن منح قروض لتشجيع المشاريع الصغيرة و المتوسطة بات غير مجدٍ في ظل ما قلناه سابقاً حوّل تراجع القوى الشّرائية في قطاع عريض من المجتمع ، و نتيجة إنعدام التدريب و ضعف خدمة النقل العام في بعض المناطق فإن الشّباب لا يتمكنون من إيجاد فرص الإرتزاق و الشغل.

      أحبتي و أنا الناصحُ الأمين لكم ، فإن الوضع يفرض على الحكومة و المؤسسات و آرباب الفكر الخروج من حالة الحلقة و خلق بدائل تعالج و بشكل حقيقي مفاصل الإعتلال في الجسم المجتمعي إستجابةً لوتيرة الخطاب الإلكتروني المقض لمضاجعنا ، فنحن نعلم كمختصين بعلم الاجتماع ان الخطاب الالكتروني و النكات و أقوال ما وراء الجدران "تُشعبر" عن مكبوتات برزت و طفت مؤخراً من خلال التعاطف مع لصي البنكين.

        حكومتي ، حكومة وطني الذي أحب ، إن البقاء بقصرٍ عاجي و خطابٍ إعلامي مهذلج ، قوامه بخ الحكي و فقط لا يحل معضلة ، هناك أمور كثيرة يمكن عملها لو عقد مؤتمر من الخبراء المختصين في الاقتصاد و أبحتت  المعلومات لهم ، لكان من المنظور منهم حلولاً تُعالج المعضلة الاقتصادية و لمنعنا الخطر عنا و سلمنا و نجونا ، و إلا فالمعطيات أقولها و أجري على الله تُنبئ بخطرٍ حقيقي مُهلك لنا ..

        طالب الكاتب الزميل "أُسامة الرنتيسي" بإقالةِ الحكومة ، إلا أن ذلك من موفور ما أرى لا يكفي فالمطلوب "الخلق المنهجي" لا تغيير ديكورات و لا وجوه.

        إنّ الخطاب الذي سيطر اليوم و على مدار أيام قليلة يشي بخطرٍ حقيقي يجبُ التعامل معه بجدية من خلال التراجع عن النهج الجبائي و الإستعاضة عنه بالبدائل.

        و لربما خط النفط بين البصرة و العقبة الذي عاد للواجهة بعد أن بدأت العراق بالتعافي إلى حدٍ ما من شأنه أن يمنحنا إمتيازاً على المدى البعيد إلا أننا بحاجة لخلق حلول محلية بديلة مستدامة تحمينا من التجاذبات خاصة أن خط نفط "البصرة  -  العقبة"  لا زالت أمامه عُقبات أمنية برغماتية في العراق.

           وفي المُقابل علينا معالجة التشوهات التي تمنع من الحد من البطالة و إنخفاض القوى الشّرائية ، و علينا تحسين و تجويد خياراتنا بديلاً عن جيوب المواطنين.

         وكليّ ثقةً من أن حكومة بلدي قادرةً على المعالجة و أن تجنبنا ما بتنا نلمسه من خطرٍ أمنيٍ بات يهددنا و يهدد الاستثمار في بلدنا.

        حفظ الله الوطن وأدام أمانه وحصنه من  كُل مكروه// ..

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )