الدكتور علي هلال البقوم
انطلقت فكرة الصكوك الإسلامية من الاردن منذ ماقبل الثمانينات من القرن الماضي كفكرة وتطبيق وقد ورد للمرحوم الدكتور سامي الحمود رحمة الله مذكرة تفصيلية عام 1978 في موضوع التكييف الفقهي لسندات المقارضة ودور الحكومة في ضمان ذلك، كما ان معالي الدكتور عبد السلام العبادي كان له جهود ومتابعة كبيرة عند توليه منصب وزير الاوقاف في مطلع الثمانينات، حيث عقدت جلسة مشتركة لمجلسي الأعيان والنواب لإقرار القانون المؤقت لسندات المقارضة رقم (10) لسنة 1981م والتي انبثقت عنها فكرة الصكوك الإسلامية.
من خلال المؤتمرات الدولية وورشات العمل ومطالعة الكتب والابحاث المتعلقة بالتمويل الإسلامي نلاحظ ان اغلب الباحثين يشيرون بأن الاردن هي صاحبة الفكرة الأساسية في هذا المجال، ولما لهذا الموضوع من اهمية تنموية وجدوى اقتصادية ملموسة على ارض الواقع فان الكثير من الدول تسابقت الى اصدار القوانين الناضمة لاصدارات الصكوك والتي توفر التمويل اللازم للمشاريع الرأسمالية والاستثمارية للكثير من الدول وعلى رأسها ماليزيا حيث تمثل اصدارات الصكوك الإسلامية فيها بنسبة تتجاوز 70% من الاصدارات العالمية،وغيرها الكثير من الدول.
صدر قانون صكوك التمويل الإسلامي الاردني رقم 30 لسنة 2012 والذي الغي بموجبه قانون سندات المقارضة المؤقت، ومما زاد من متانة القانون التعليمات اللاحقة التي تلته من هيئة الأوراق المالية والتي توضح ادق التفصيلات في كيفية التعامل مع الصكوك الإسلامية من حيث الإدراج والتداول...الخ والتي تتشابه بعض اجراءاتها مع السندات الربوية والأسهم العادية الاُ ان الصكوك الإسلامية تحكمها الضوابط الشرعية التي تتوافق مع شريعتنا السمحاء بابتعادها عن الربا المحرم شرعاً، وقد تلفظ انفاس المهتمين لهذا الحدث الهام لاحلام تراودهن بان صدور هذا القانون سوف يجعل الاردن مركزاُ ريادياُ لاصدارات الصكوك الإسلامية وستتعوض عن السنوات السابقة لاصدار القانون وبأن يكون الاردن مثالاُ يُحتذى به لايجاد التمويل اللازم لتحقيق الفرص الاستثمارية وبطريقة شرعية بعيدة عن الربا وعدم انتظار المساعدات التي ترجوها المملكة من غيرها والتي يُدفع ثمنها باهظاُ في بعض الاحيان.
لم يتغير الحال بعد صدور هذا القانون والتعليمات اللاحقة له فما زالت بعض القوى العكسية تسيطر على القرار العام بحجج مختلفة قد يكون منها عدم تواكب هذا القانون مع بعض اصحاب المصالح المستفيدين من السندات الربوية، فمنذ صدور القانون لم نلاحظ ترويج اعلامي كبير او اقبال رسمي لهذا الحدث الهام وقد صدرت اصدارات محدودة في الصكوك منها صكوك شركة الكهرباء الاردنية على سبيل المرابحة والتي اعتبرت صكوك يتيمة لانها لا ترقى الى اصدارات صكوك اسلامية بنمطها المتعارف عليها وغيرها من الاصدارات المحدودة والتي لاترقى الى وجود مشاريع عملاقة يشعر بها المواطن لتكون حافزاُ بتوجيه الاستثمارات من خلال الصكوك، لهذا لا زالت الكثير من المشاريع الاستثمارية غير قادرة على توفير التمويل اللازم لها فامكانية التمويل واردة حتماُ في حال الرغبة لتمويل القطار السريع والباص السريع وغيرها من المشاريع التي تخدم المواطنين.
وزارة الاستثمار ووزارة التخطيط والتعاون الدولي مستمرة في الترويج لجلب الاستثمارات والمنح للخرائط الاستثمارية للمحافظات التي اطلقتها مؤسسة تشجيع الاستثمار في العام الماضي وبانتظار مايتم تحصيلة، وهنالك الكثير من المؤسسات العامة والخاصة الاردنية متعطله استثماراتهم لعدم وجود التمويل اللازم لها، لهذا نطلب من الحكومة الرشيدة إيلاء هذا الموضوع جل الاهتمام لانعكاساتة المستقبلية على كافة مناحي الحياة للمواطن الاردني وكرامتة ليصبح اكثر اعتماداُ على نفسة بدلاُ من انتظار الدول المانحة وغيرها ولتوافق هذا القانون مع الشريعة الإسلامية .
نتأمل من مشروع المدينة التجارية الذي اطلقته جامعة ال البيت والذي يقع مابين البوابة الرئيسية الى الطريق الدولي ضمن 200 دونم وبتكلفة 30 مليون دينار بأن يكون بارقة خير على ابناء المحافظة وتحقيق الفرص الاستثمارية المناسبة من تخفيف البطالة وتوفير فرص العمل وربط المدينة بالجامعة اسوة بباقي الجامعات الاردنية، بالاتجاه نحو التمويل الإسلامي – الصكوك الإسلامية – ولتكون انموذجاُ لباقي مؤسسات الدولة العامة والخاصة ولارتباط هذا النهج في مؤسسة ال البيت والذي سيؤدي حتماُ الى الشراكة مابين القطاع العام والخاص وفي نهاية الامر ستؤول ملكية الاصل الى جامعة ال البيت بدلاُ من الخصخصة التي لنا تجارب سابقة معها ؟؟؟؟؟