فياغرا النواب.. لا إثارة في مشهد مكرر
وليد حسني
تداولت وسائل التواصل الإجتماعي وبعض المواقع الصحفية الإلكترونية صورة ليدي نائب أثناء جلسة لمجلس النواب وهو يتفحص شريطا لحبات الفياغرا أو الحبة الزرقاء.
وفور انتشار الصورة بدأت التعليقات تتوالى بين من يرى في الصورة والبرلمان مجرد حالة لهو وتدجيل على المواطنين والناخبين ، وهو أمر يعكس وبالضرورة المواقف المعلبة والجاهزة لأصحاب مثل هذه التوصيفات ضد مجلس النواب.
ويرى آخرون أن الأمر اكثر من طبيعي وهو حق للنائب للتمتع بملامسة الحبة الزرقاء أو استخدامها، ويرون ان الصورة بكامل تفاصيلها لا تستدعي كل تلك الانتقادات، فالنائب في النهاية مواطن وإنسان وله الحق الشخصي بممارسة حياته دون الإعتداء على حقوق الآخرين أو الإنتقاص منها.
"فياغرا النواب " التي ظهرت في الصورة وشكلت للبعض مفاجأة لم تكن الصورة الأولى التي تؤرخ لحضور الحبة الزرقاء في مجلس النواب، فد كان اول ظهور رسمي ومكشوف لها في مجلس النواب الرابع عشر، وأذكر أن أحد النواب الإسلاميين في ذلك المجلس هو أول من احضرها وقام بتوزيعها على النواب أمام الكاميرات في حينه" أتحفظ على ذكر اسمه" وكنت حاضرا لمشهد ذلك الزفاف البريء، بل وكتبت عنها بعد ان التقط الزميل المصور المبدع محمد الرفايعة صورة لذلك المشهد الإستثنائي.
وتتالت المشاهد بعد ذلك، بل أن نوابا أطباء كانوا يوزعونها بكل أريحية وأمام الصحفيين انفسهم، ولم تعد هذه المشاهد مثيرة تماما بعد ان تحولت لمجرد مشاهد مستهلكة تحدث كل يوم وتتكرر كثيرا.
في ذلك الحين لم تكن وسائل التواصل الإجتماعي قد فرضت سطوتها وحضورها في مجتمعنا المفتوح، ولم تكن حتى الصحافة الإلكترونية قد انبلج فجرها وتمددت سطورها داخل مجتمع الميديا الأردني المحلي.
في السنوات التالية ظلت "السيدة الزرقاء" حاضرة في مجلس النواب، بل أصبحت جزءا من الهدايا السريعة التي يتبادلها النواب فيما بينهم، ولم ير احد فيها أية غضاضة أو إسفاف في التعاطي معها باعتبارها علاجا لكل عنِّين، ولم تحظ بالمطلق بأي تفسير سياسي أو دلالة سياسية على مجتمع النواب.
في المجالس النيابية التالية ظلت الحبة الزرقاء تحظى باهتمام الزملاء المصورين الصحفيين باعتبارها تمثل خبرا طريفا في حد ذاته، وهذه حقيقة لا مناص من التسليم بها، إلا أن الجديد في الصورة والقصة والموضوع هو تحول هذه السيدة الزرقاء لعنوان سياسي يستدعي من الناقمين على مجلس النواب استخدامها كاداة تحطيم ونقد للمجلس، وقد منحت منصات التواصل الإجتماعي لهؤلاء المساحات المفتوحة الكاملة لنشر آرائهم وتعليقاتهم القاسية.
إن الصورة في المجلس تفعل أفاعيلها وتغني بالضرورة عن آلاف الكلمات، وقد خبرنا هذا الأمر مرات عديدة من خلال العين الساحرة لبعض الزملاء الصحفيين الذين نجحوا بالتقاط صور من تحت قبة المجلس لقضايا عديدة، لعلي أستذكر منها الصورة التي نشرت من المجلس الرابع عشر للجواهرجي الذي تواجد تحت قبة المجلس وهو يقيس أحجام أصابع النواب لتفصيل خواتم لهم، ولأنني كتبت عن ذلك الحدث فقد ألغي المشروع بكامله، أو صورة الحمام وهو يدخل شرفة الصحفيين، وصورة القطة التي دخلت الى القبة، وكذلك صورة الصرصور الذي أصر على حضور إحدى الجلسات في المجلس السابع عشر الماضي وغيرها من الصور الأخرى العديدة، وكلها لقيت الكثير من الإهتمام الشعبي نقدا وتجريحا..
اليوم لا تبدو الحبة الزرقاء بالنسبة لي خبرا في صورة أو صورة في خبر فقد تكرر هذا المشهد كثيرا تحت القبة وخارجها، ولا أظن انها تغري أحدا بالانتقاص من المجلس بسببها..//