لا "أمان اجتماعي" في الموازنة
بلال العبويني
مفهوم "شبكة الأمان الاجتماعي" الذي ورد في الموازنة والمقدر بـ 171 مليون دينار، قاصر ولا يعبر عن مضمونه بأي حال من الأحوال.
ذلك أنه جاء لتعويض الأردنيين عن رفع أسعار الخبز من 16 قرشا للخبز غير المدعوم إلى 31 قرشا للكيلو الواحد، دون أن يأخذ بعين الاعتبار تداعيات قرار سعر الخبز على غيره من سلع، وعلى التغير الذي طرأ على حياة الأردنيين منذ ست سنوات على الأقل.
فهل سأل أحد عن سعر "سندويشة الفلافل"، أو "منقوشة الزعتر"، أو "تناول صحن حمص في المطعم الشعبي وغيره"، بعد مطلع الشهر المقبل؟.
ثمة الكثير من السلع التي ستتأثر ارتفاعا نتيجة رفع سعر الخبز، ومنها سندويشة الفلافل التي يتناولها العمال والفقراء عامة، بل إن الأثر السلبي قد يصل إلى سعر "حبة البسكويت" المنتجة محليا.
اعتبارا من الشهر المقبل قد نكون أمام تعرفة جديدة للنقل، وأمام أسعار جديدة للكثير من السلع، وقد نصل، بعد ذلك، إلى تعديل قانون ضريبة الدخل ليصل حد الإعفاء للعائلة التي يتجاوز راتبها 1000 دينار، بالإضافة إلى الارتفاع الحاصل في تعرفة الكهرباء وخلافها.
إذن نحن أمام واقع جديد من ارتفاع كلفة المعيشة على الأردنيين، في وقت تتآكل فيه الدخول وتتجمد رواتب الموظفين عند ذات الرقم الذي لم يطرأ عليه أي زيادة منذ قرابة ست سنوات.
للأسف، الحكومة تتعامل مع مواطنيها بالقطعة، وتحاول جاهدة توجيه نظر الرأي العام على النقطة التي تريدها، وهي تنجح في كل مرة بذلك، وأحيانا يساعدها على ذلك مجلس النواب في شكل المساومة التي تجري بين السلطتين قبل إقرار مشروع الموازنة كما هو الحال في ترويج شطب البند المتعلق بحرمان من يملك سيارتين من دعم الخبز على أنه انتصار وانحياز لصالح المواطنين، رغم عدم منطقيته.
أولا: شبكة الأمان الاجتماعي يجب أن تنظر إلى المُستجد في الواقع الاجتماعي والاقتصادي نظرة كلية، لا نظرة قاصرة ومن زاوية واحدة، وبعدها يجب أن تتم دراسة دقيقة نزيهة وشفافة لتقرير مدى الضرر الواقع على كل عائلة بحيث يصار إلى تعويضها وفقا لذلك.
ثانيا، توجيه الدعم لمستحقيه، أيضا مفهوم قاصر أو تتعامل معه الحكومة قاصدة على هذا النحو، إذ لا يجب أن ترتبط به شروط محددة إذا كان الهدف التفريق بين الأردني وغير الأردني من ناحية دعم السلع.
مادة الخبز مثلا، يستهلكها كل الأردنيين ومن هم على الأرض الأردنية أيضا، وبالتالي فإن جميع الأردنيين يستحقون الدعم مهما امتلكوا من أملاك أو ثروات، لذلك لم يكن هناك معنى للاشتراطات السابقة التي شطبتها اللجنة المالية في مجلس النواب وروجتها على أنها انتصار.
ثم إن المبلغ المرصود في الموازنة والبالغ 171 مليون دينار، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكل أمانا اجتماعيا، فما طرأ على العائلات الأردنية من زيادات ضيّقت عليهم عيشتهم خلال السنوات الست الماضية على أقل تقدير تحتاج إلى أكثر من ذلك الرقم بكثير، ويحتاج إلى توسيع شريحة المستحقين باعتبار أن شريحة المتضررين واسعة جدا.
بالتالي، يمكن أن يُطلق على البند الذي تضمنته الموازنة أي شيء، غير "الامان الاجتماعي" لأنه بالمطلق ليس كذلك، ولا يعوض الأردنيين حتى عن رفع أسعار الخبز.//