ماذا يريدون من الاْردن وماذا نريد نحن للأردن
اللواء المتقاعد مروان باشا العمد
الاْردن والذي يشكل موقعه نقطه ارتكاز المشرق العربي مما جعله نقطه وصل ما بين الدول العربيه الاسيويه واعتباره نقطه انطلاق للمغرب العربي لقربه من مصر ، ولقربه من قوى اقليميه ذات تأثير مثل تركيا وإيران ، ولكون الكيان الصهيوني يمتد على طول حدوده الغربيه فقد قدر له ان يكون محور الأحداث في المنطقه وفي نفس الوقت محط أنظار الجميع ومحاولتهم ان يكون لهم دورهم في اموره . ويمتد هذا الاهتمام الى القوى العالميه جميعها وعلى رأسها الولايات المتحده الاميركيه وروسيا والدول الاوروبيه . كما ان القياده الهاشميه لهذا البلد التي استطاعت ان تمخر بسفينته وسط هذه الامواج المتلاطمه حولنا بأقتدار وان تحظى بحب الشعب والتفافه حولها مما أنقذه من الوقوع فيما وقعت به دول آخرى حولنا جعله محل إعجاب وتقدير الآخرين وبنفس الوقت محل غيره وحسد وربما حقد من آخرين . كما ان الأحداث التي بقيت ملتهبه في منطقتنا ولموقعه كنقطه وصل جعل من الآخرين يسعون لأن يكون الموقف الأردني الى جوارهم يناصر مواقفهم ويعادي عدوهم بالرغم من ان السياسه الأردنيه كانت دائما ما تسعى لأن تبقي ابوابها وأجوائها مفتوحه مع الجميع .
وفِي سبيل ذلك اتخذ الاْردن خطوات ما كان له ان يخطوها لو ان الامر عائد له لإدراكه احتمالاتها ونتائجها ومثال ذلك اشتراكه في حرب عام ١٩٦٧ وما تبعه من فقدان الضفه الغربيه وما عاناه من موجه النزوح اليه وإحساسه بالمسؤوليه القوميه والوطنية اتجاه القضيه الفلسطينيه . ومثال ذلك مشاركته في حرب عام ١٩٧٣ من خلال إرسال خيره الخيره من جنوده للمشاركة بالقتال وحمايه الطريق الى دمشق . ثم جائت ازمه الاجتياح العراقي للكويت وما تبع ذلك من انقسام وتحشيد والدعوة للحل العسكري حيث تبنى الاْردن على عهد المغفور له الحسين بن طلال الحل الاخوي والسلمي والعربي وما دفعه من أثمان نتيجه موقفه هذا . وبالرغم من ان هذه الأحداث كانت تقع بتصرفات وقرارات الآخرين ولكن هزائمها كانت دائما تُحمل على عاتق الاْردن . وكما كان الأردن ملاذ الشعوب العربيه التي هربت من حروبها ونزاعاتها اليه من العراق ومن ليبيا ومن اليمن ومن سوريه وغيرهم حيث اقتسم معهم فنجان الماء ولقمه الزاد وفرصه العمل ولكنه لم يلقى الا النكران والجحود واتهامه بالتآمر والوقوف مع الاٍرهاب بألرغم من انه كان دائما ضحيه الاٍرهاب الذي ترعرع بين حناياهم . ووسط تخلي العالم عن مد يد العون له لإعانته على هذا الحمل وبنفس الوقت اتهامه بالتقصير لأنه في مرحله ما وجد ان لم يعد يتحمل المزيد .
وفِي هذه الأيام والتي تغلي فيها المنطقه على صفيح ساخن والتي تقع الاْردن بالقرب من اتونها نجد جميع المحيطين بنا اما قد تخلوا عنا وتركونا وظهرنا مكشوفاً في العراء ، او انهم يريدون مصادره قرارنا لصالح مواقفهم وتحالفاتهم وان نشاركهم في معاركهم وفلسطين لنا اقرب والقدس الى قلبنا أحب والامانه التي تحملها الهاشميون والاْردن في حمايه المقدسات في أقدس ارض اهم .
في هذا الظرف الصعب نجد أنفسنا نقف في الميدان وحيدين بلا حليف ولا صديق ولا معين وفِي نفس الوقت على كاهلنا مهمه ومسؤوليه لا نستطيع خيانتها حين فعل الآخرون ذلك وتحت تهديد أميركي بقطع المساعدات اذا صوتنا لصالح قدسنا .
وفِي هذا الظرف نتسائل ماذا نريد للأردن ان يكون وكيف سيكون ؟ . وفِي وسط ذلك كثرت الوصفات والعلاجات وأصبح الجميع يشخص المرض وطرق العلاج . البعض يريد ان نلغي المعاهدة وان نقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وهو أغلى امنيات هذا الكيان غير محتسبين كلف ذلك علينا وعلى القضيه الفلسطينيه والشعب الفلسطيني وما هو موقف العالم لو فعلنا ذلك . ودون احتساب بأنهم بذلك يعيدوننا الى حاله الحرب مع العدو الصهيوني في حين ان الآخرين أصبحوا ينامون في مخدعه او هم يجعلونه ينام في مخدعهم وهم في حضنه . ودون احتساب ان ما نعيش فيه الآن هو لمجرد موقفنا من سفيرتهم وسفارتهم وحارسهم الذي قتل ابنائنا ولموقفنا من ببوابات القدس الالكترونية وإرغامه على اقتلاعها . البعض يريد منا ان نقطع علاقاتنا الدبلوماسية مع الولايات المتحده الاميركيه وفرض عقوبات عليها بقطع التعامل معها ومقاطعه منتجاتها وفرض الحصار عليها غير عابئين بأنها أصبحت هي الدوله الوحيده التي تقدم المساعدات لنا على ضألتها وشروطها ، ومعتقدين اننا أصبحنا قوه عظمى قادره على شن حرب منفرده على الولايات المتحده الاميركيه بالرغم من ان الآخرون يجرون وراءها ليقبلوا آثار خطواتها على اجساد دولنا العربيه مع دفع فاتوره قتلها وقتالها لنا والبعض يقول لنغير التحالفات ولنقطع الخطوط مع حلفاء الامس .
البعض يقول لنلتحق بألتحالف الروسي الإيراني التركي القطري رغم علمهم ان هذا التحالف تحالف مصالح وانه تحالفاً مؤقتاً لحين اقتسامنا وتوزيع اوطاننا عليهم . روسيا التي تتعامل مع من في محورها من فوق ابراج عاجيه ولتضمن سيطرتها على المنطقه وبترولها وغازها وبعد ان تستكمل انتزاعها من عدوتها اللدودة . وتركيا اردوغان الذي لا يسعى الا الى أعاده امجاد اجداده العثمانيين والذي هدد باغلاق سفاره الصهاينه في بلاده اذا فعل ترامب فعلته بأعتبار القدس خط احمر ولكنه لم يفعل ذلك ويبدوا انها حمرا فقط في مخدعه . وبالرغم من اعترافه بها عاصمه لدوله الصهاينه قبل ترامب بسنه وفِي عام ٢٠١٦ بأتفاق القدس أنقره لتطبيع للعلاقات بينهما . وايران الملالي الذين لن يكفيهم غير ان نكون خطاً او ضلعاً او قوساً في مثلثهم او هلالهم او قمرهم المذهبي وخاصه بعد ان أطلقتها أميركا لتنهب في جسد دولنا وعواصمنا . وبعد ذلك قطر وما ادراك ما قطر . هل المطلوب ان نغير التحالفات السابقة لنلقي أنفسنا في جحيم غير الجحيم الذي كنّا فيه ونكون كمن يهرب من سيف الجلاد الى حبل المشنقه وكمن يهرب من السيل الجارف ليقع تحت شلال هادر . او كمن يهرب من أمس اضحى مظلماً الى غدٍ احلك ظلاماً .
أيها الاردنيون رفقاً بالأردن ولا تغامروا به كي لا يشمت به جميع من عاداه . رفقاً بألأردن و لا تطلبوا منه ما هو فوق طاقته وقدرته ، اذ ان الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً الا وسعها . رفقاً به ولا تمارسوا بما تقولون ضغوطات على قيادتنا الحكيمه قد تجعلها تأخذ القرار الغير سليم . أتركوها كما عهدتموها تقود الدفه وسط الامواج المتلاطمه بأقتدار لعلها تخرج وتخرجنا بأقل الخسائر والأضرار .