كتّاب الأنباط

استقالة النواب.. يعلم الجميع حقيقتها

{clean_title}
الأنباط -

 بلال العبويني

لا أعرف ما الذي جعلني متأكدا أن استقالة النائب صداح الحباشنة لن تُعرض على مجلس النواب للتصويت عليها في الجلسة التي انعقدت يوم أمس رغم إدراجها على جدول الأعمال.

ربما يكون ذلك بسبب ما درجت عليه العادة في إعلان نواب استقالتهم في مفاصل نيابية مشابهة، ومن ثم التراجع عنها قبل أن يشرع النواب النظر فيها تحت القبة، تحت مبررات جاهزة ومتشابهة كضغط العشيرة أو القاعدة الانتخابية أو وساطات النواب.

في الحقيقة، لست في وارد اتهام النائب الحباشنة أنه كان يهدف إلى إعادة تسليط الضوء على نفسه، وإلى إعادة انتاج نفسه أمام القاعدة الانتخابية في وقوفه إلى جانبها ودفاعه عن مصالحها ضد توجهات الحكومة حيال الضرائب والأسعار، لأن خيار الاستقالة من عدمه يبقى حقا مكتسبا للنائب مثلما حقه التراجع عنها متى شاء وبالشكل الذي يشاء.

ومع ذلك، ثمة وجهة نظر تقول إن استقالة أي شخص منتخب مهما كانت الأسباب تعد هروبا من المسؤولية وفشلا، لا يجب أن يكون في شخص انتخبه الناس بناء على ما لديه من مواصفات ومؤهلات، لأن الأصل أن يكون لديه برنامج عمل متكامل، قد يفشل في بعض ملفاته لكنه من الطبيعي أن ينجح في أخرى.

لكن، هل القاعدة الانتخابية لدينا وصلت إلى مستوى من الوعي تختار وفقه النائب عن قناعة وبما يحمل من برنامج وكفاءة؟، وهل النواب لدينا يحملون برامج عمل حقيقية؟، وهل قوانين الانتخاب لدينا، تساعد الناخب على اختيار نائبه وفقا لذلك؟.

في الحقيقة، ما زال الوعي غير ناضج كفاية، ومرد ذلك إلى عقود من قوانين انتخاب قاصرة أعلت من قيمة الفردية في العمل البرلماني على حساب العمل الجماعي الحزبي، على وجه التحديد، ومرد ذلك أيضا إلى ضعف الحياة الحزبية لدينا وإلى ضعف الأحزاب التي ما زالت غير قادرة على فرض نفسها واستمالة الجماهير إلى برامجها، ما اضطر بعضها اللجوء إلى الوجهاء والعائلات والعشائر لتتحالف معها في الانتخابات النيابية الماضية على أقل تقدير.

وأمام هذه الحالة التي نحن عليها، والتي أسأنا فيها أيضا لمسألة القوائم الانتخابية عندما تعاملنا معها بفردية، وحرفناها عن حقيقتها بأن تكون قوائم حزبية، فإن العمل البرلماني سيظل على ما هو عليه، وسيظل النائب منفصلا عن قاعدته الانتخابية، فلا هو يستمع إلى وجهة نظرها ولا هو يستشيرها في عمله البرلماني أو حتى في تلويحه بالاستقالة.

فهل سمع أحد منا أن نائبا حاور قاعدته الانتخابية بشكل جاد وعملي ومهني، أو استشارهم في أمر ما سواء أكان استقالة أو غيرها، أو طلب منهم أن يقيموا أداءه البرلماني عند نهاية كل دورة برلمانية؟.

في ظني، ليس هناك نائب فعل مثل ذلك، وإن كان منهم من قام بشكل من أشكال استشارة القاعدة الانتخابية فإنه يكون في الحدود الدنيا وغير المنتجة عمليا، بل إنه لا يكون قد استفتاهم للأخذ برأي الأكثرية منهم.

لذلك، سنظل نستمع إلى تصريحات نواب بالاستقالة، في مثل هذه المفاصل البرلمانية، وسنظل نستمع إلى تراجع النواب عن الاستقالة تحت مبررات مكررة، يعلم الجميع أنها ليست حقيقية ولا تقوم على رأي الأكثرية، وتنحصر في بيان من عائلة النائب الصغرى أو من قبل بعض المقربين منه لا أكثر.

لأن الأصل أن من يذهب إلى استقالة مشفوعة بأسباب، عليه إما المضي بها أو التراجع عنها بعد انتفاء ما أورده في استقالته من أسباب.//

 

 

 

 

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )