القدس.. صفعة القرن
عامر الحباشنة
في البدء وجب الإعتراف بأن الحديث الكثير عن القدس هذه الأيام ليس ناتجا عن إكتشاف متأخر بأنها المدينة التي احتل جزأها الغربي مع تتويج المشروع الصهيوني وإعلان دولته قبل سبعين سنة واستكمل احتلالها في جولة ثانية قبل نصف قرن باستكمال سقوط فلسطين والقدس ، لكن الحديث يزداد عنها في لحظات التحول التاريخية كمثل هذا الذي يجري في ايامنا بعد الإعتراف الغير شرعي وغير القانوني بالمدينة عاصمة للمحتل من قبل الرئيس الأمريكي مستكملا بذلك اعترافا سابقا من الكونجرس الأمريكي في العام ١٩٩٥ وهذا ما اشعل جمر القضية الكامن .
وهنا يكمن السؤال عن إلى أي مدى يرتقي رد الفعل الشعبي والرسمي، وهل هو بمستوى الحدث، وهل هو مؤثر ام تكرار لفورات عاطفية الزمن كفيل بتجاوز تأثيرها، وهنا اعترف بأننا أولئك الذين لم يعاصروا النكبة والنكسة وحريق الأقصى، كنا عندما نقرأ نتسائل في دواخلنا، هل من المعقول ان كل ذلك حصل ولم يستطع معاصروه مقاومته ومنعه، وها نحن نكتشف أن ذلك ممكن بل وباسهل مما كنا نتصور، نعم ممكن لأن التوقيت يتم اختياره بعناية فائقة، فمرت النكبة ونحن خارجون للتو من غياهب الغياب وترددات الحرب العالمية الثانية ومرت النكسه ونحن منشغلين بالتقدمي والرجعي والعروبة والإسلام والقطرية والاممية.
وفي كل مرة لم نتعلم الدرس وكل من يتعلمه يتم إخراجه من دائرة الفعل على الأرض وتجد المنطقة منشغلة في كل مرة بما هو معد مسبقا، فنحن اليوم منقسمون بين محور سمى نفسه معتدلا وآخر سمى نفسه مقاوما وبينهما تتداخل عشرات المحاور التي تخترق جسد وعقل ومسار الأمة اقطارا وكيانات ودولا وطوائف، ولا احد من المحاور أو افلاكها يرى في قرار ترامب تهديدا جوهريا (اللهم في الإعلام ) بل كثيرون يبدعون في الإستثمار بهذه اللحظه، وحتى لا يكون الحكم مطلقا وحتى لا نحاكم النوايا والقلوب، فإننا سننطلق من الأفعال التي ما زالت في أدنى حدودها ولم تتجاوز إطار الكلام اكان بهدوء أو بصخب وكل حسب عنوانه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مقدار الفعل يعتمد على حجم القوة والتأثير، وهذا يعني أن أداء الدول يتناسب مع دورها وتأثيرها، فهل كان هؤلاء بمستوى الحدث، الجواب البسيط لا لم يرتق حتى لمستوى الرغبة الشعبية وآدائها العارم في شوارع المدن المسموح التعبير بها.
القدس كانت البوصله وستبقى وهي المقياس، وهي معيار الفعل، لذلك إذا أريد لها ان تكون عنوانا لمشروع القرن الذي يتم الترويج له إقليميا ويتم التسويق له إعلاميا، فان المطلوب أن تكون القدس هي عنوانا لصفعة القرن، صفعة على وجه كل المشاريع التصفوية التي تتم برعاية كبرى وبادوات اقليمية هدفها تصفية القضية الفلسطينية والصراع على حساب الشعب الفلسطيني وحقة في الحرية والاستقلال، وهذه المرة على حساب الدولة الأردنية ، الدولة الوحيدة في المشرق العربي التي تجاوزت لهيب الربيع العربي بسلام .
أخيرا، القدس قضية أردنية داخلية كما هي قضية أمة ، وجب التوحد تجاهها حماية للاردن واكراما للشهداء في اللطرون وباب الواد ، وهذا يتطلب نقل الموقف الشعبي والرسمي وتطويرة لمستوى الفعل المؤثر، إذا أردنا مواجهة صفقة القرن بصفعة القرن وتكون القدس عنوانها.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.//