واشنطن تثير أزمة جديدة ب قرارات استفزازية..
الانباط – عواصم ووكالات :- مامون العمري
يبدو ان الأزمة "الفلسطينية-الأمريكية" تتفاقم بعد إعلان البيت الأبيض أنه يرى في "حائط البراق" في القدس الشرقية المحتلة جزءا من إسرائيل، الانباط في ملفها اليوم تسعى لتوضيح هذه الازمة في قراءة اولية لحائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك والذي يسميه اليهود "حائط المبكى".
والانباط تجد فيها خطوة استفزازية جديدة للعالمين العربي والإسلامي، تواصل من خلالها الإدارة الأمريكية، عدوانها على الحقوق الفلسطينية المغتصبة، وتجدها تحديا صارخا للشرعية الدولية، ولجقائق وشواهد التاريخ، باعتبار ملكية «حائط البراق» لدولة الاحتلال !! ونقلت وسائل الإعلام الأمريكية، أمس الجمعة، عن مسئول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبيل جولة يقوم بها نائب الرئيس مايك ينس إلى منطقة الشرق الأوسط: إن الولايات المتحدة تري الحائط الغربي ( حائط البراق) كجزء من إسرائيل في إطار اتفاق سلام نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. وأضاف المسئول الأمريكي للصحفيين : «لا نستطيع أن نتصور أي موقف لن يكون فيه الحائط الغربي «حائط المبكى» جزءا من إسرائيل!!
ويرتبط اسم "حائط البراق" بحادثة الإسراء والمعراج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.. فالبراق هو اسم الدابة التي أسرى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حيث ربطها النبي عليه الصلاة والسلام عند هذا الحائط ثم عرج بها إلى السماوات العلى.
وتؤكد المؤسسات الإسلامية في مدينة القدس وعلى رأسها الهيئة الإسلامية العليا على أن "حائط البراق" الذي يقع ضمن السور الغربي للأقصى المبارك هو جزء لا يتجزأ من المسجد.
وتقول الهيئة: "إن مساحة المسجد الأقصى المبارك، كما هو معلوم، 144 دونما فيشمل المسجد القبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك (حائط البراق) الذي هو سور رئيسي من أسوار المسجد الأقصى المبارك".
وتضيف "إن هذا المسجد المبارك بما في ذلك (حائط البراق) هو للمسلمين وحدهم بقرار إلهي من الله عزّوجل، وذلك منذ معجزة الإسراء والمعراج، وحتى يومنا هذا وإلى يوم القيامة، وأن المسلمين متمسكون به، وهو يمثل جزءاً من عقيدة ما يقارب المليار وثمانمائة مليون مسلم في العالم".. وتشدد الهيئة الإسلامية العليا على أنه "لا علاقة لغير المسلمين بالأقصى المبارك وبحائط البراق لا سابقاً ولا لاحقاً".
وقالت الهيئة: "لقد سبق لعصبة الأمم عام 1930 أن أقرت هذه الحقيقة والتي تقول إن حائط البراق هو معلم حضاري تاريخي إسلامي، ولا علاقة لغير المسلمين فيه".
وأضافت "أن الأقصى المبارك أسمى من أن يخضع لقرارات المحاكم ولا الحكومات، وهو غير قابل للتفاوضات ولا للمقايضات ولا للتنازلات ولا لأي تفاهمات، ولا يملك أحد أن يتنازل عن ذرة تراب منه.. ولا من (حائط البراق)".
وشدد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على أن التصريحات الأميركية المتكررة حول القدس خروج على الشرعية وتكريس للاحتلال، موضحا أن اعتبار "حائط البراق" كجزء من إسرائيل يؤكد خروج إدارة الرئيس دونالد ترامب من عملية السلام بشكل كامل.
وقال أبو ردينة في بيان، صباح امس السبت، ردا على "تصريحات مسؤول أميركي في البيت الأبيض، بأن الولايات المتحدة ترى بأن حائط البراق جزء من إسرائيل"، وأنه "لن نقبل بأي تغيير على حدود القدس الشرقية المحتلة عام 1967"، متابعا "هذا الموقف الأميركي يؤكد مرة أخرى أن الإدارة الأميركية الحالية أصبحت خارج عملية السلام بشكل كامل".
وأضاف أبو ردينة "استمرار هذه السياسة الأميركية، سواء بما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأميركية إليها أو البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها خروج عن الشرعية الدولية وتكريس للاحتلال، وهو بالنسبة لنا أمر مرفوض وغير مقبول ومدان"، بحسب البيان.
وكان مسؤول بالإدارة الأميركية قال إنه لا يمكن تصور سيناريو لاتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين دون أن يكون الحائط الغربي في القدس (حائط البراق) تابعا لإسرائيل.
وتابع المسؤول الأميركي في مكالمة هاتفية أجراها مع إعلاميين إلى جانب أربعة مسؤولين آخرين: "كما قال الرئيس، تحديد حدود السيادة الإسرائيلية بصورة نهائية ستكون جزءا من الحل النهائي".
وفي توضيح لاحق على تصريحات المسؤول الأميركي، بيّن البيت الأبيض أن ما قُصد في هذه التصريحات تمحور حول "لا يمكننا تخيل أن إسرائيل ستوقع أي اتفاق للسلام لا يشمل الحائط الغربي".
وقال مصدر في البيت الأبيض، اليوم الجمعة، لصحيفة "هآرتس"، إن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، جيسون غرينبلات، سيزور المنطقة الأسبوع المقبل لبحث الدفع بما أسماها "عملية السلام" مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين.
وقال المصدر للصحيفة إن إدارة ترامب توقعت "التوتر الذي أعقب إعلان ترامب نقل السفارة، لكننا سنواصل العمل لتحقيق السلام".وقال البيت الأبيض إن "العالم يعرف أن الطريق الوحيد للتقدم نحو عملية سلام هي أن تدفع بها الولايات المتحدة"، واعتبر أن "ينكون جاهزين للحوار عندما يصبح الفلسطينيون كذلك، وحاليًا، علينا إنجاز الكثير من العمل".ويثق البيت الأبيض بأن دولًا عربية، من بينها مصر ودول أخرى، تستطيع الضغط على الفلسطينيين لإعادتهم لطاولة الحوار مع الولايات المتحدة والدفع بعملية سياسية في المنطقة.
وذكر المصدر أنه من المتوقع أن يلتقي غرينبلات مع مبعوث الاتحاد الأوروبي في الرباعية الدولية، فرناندو جينتيليني. وأضاف المصدر أن غرينبلات سيبقى في إسرائيل خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس، المقررة الأسبوع القادم.
وأعلن البيت الأبيض رسميًا أن بينس سيزور حائط البراق بصفته نائبًا للرئيس الأميركي، وأن إدارة ترامب واثقة أن حائط البراق سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية ضمن أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين.
ومن شأن زيارة بينس لحائط البراق أن تؤجج الأوضاع أكثر، إذ تعتبر فرض أمر واقع جديد بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ومن شانها كذلك زيادة إصرار الفلسطينيين على عدم العودة للمفاوضات أو القبول بالوساطة الأميركية.وأكد مستشار الرئيس الفلسطيني، مجدي الخالدي، الأسبوع الماضي، أن محمود عباس لن يلتقي بينس، بعد قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس. وقال الخالدي "لن يكون هناك اجتماع مع نائب الرئيس الأميركي في فلسطين".
وكان قد أعلن ترامب لدى اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل عن جولة بينس الذي يفترض أن يصل إلى المنطقة في 19 من الجاري.وقال الخالدي إن "الولايات المتحدة الأميركية تخطت الخطوط الحمر بقرارها المتعلق بالقدس".
تسمية "حائط المبكى"
والفصول الأولى لقصة «أكذوبة حائط المبكى»، كانت تقريبا مع بداية الحكم العثماني لفلسطين، حين استغل اليهود تسامح المسلمين وكشفوا عن نواياهم بالاستيلاء على المقدسات الإسلامية ، وبدأت تحركاتهم لخلق أكذوبة حائط المبكى ( حائط البراق )، ويزعم اليهود أن الحائط يمثل جزءا من جبل الهيكل «معبدهم القديم» يبكون عنده حزنا على تدمير الهيكل .. وتتعارض المزاعم الإسرائيلية بشكل لا يدع مجالا للشك مع جميع الأسانيد التاريخية والدينية والقانونية التي تؤكد أحقية المسلمين في حائط البراق، وأن فكرة حائط المبكى لم تظهر عند اليهود قبل القرن الـ 16 الميلادي، عندما طردتهم الدولة الإسبانية وسمحت لهم الدولة العثمانية بالإقامة في الأراضى التابعة لها، وبدأ تحول في سياق المزاعم اليهودية المتعلقة بالقدس الشريف عام 1520
بعد سنوات من الفتح العثماني لفلسطين أصبح حائط البراق جزءا من التقاليد اليهودية الجديدة، وصار جزءا مقدسا منها، وقد تحول إلى حائط لبكاء اليهود عنده .. وقبل ذلك كان اليهود يتجمعون للصلاة و«يبكون» عند جبل الزيتون وبوابات الحرم حتى أصدر السلطان «سليمان القانوني» فرمانا يسمح بوجود بمكان لليهود للصلاة فيه عند الحائط الغربي .
وكان تسامح العثمانيون مع اليهود هو السبب وراء المطامع في حائط البراق واختراع الأكذوبة المتعلقة به .. وتؤكد الموسوعة اليهودية أن المصادر المتعددة التي تتحدث عن اليهود خلال العصور السابقة للقرن الـ 16 الميلادي لم تذكر شيئا عن تقديس اليهود للحائط الغربي أو حائط البراق، وأن التجمع اليهودي للعبادة كان يجري في جبل الزيتون، وأن المعبد اليهودي الكبير كان مبنيا في محازاة الحائط الغربي .. ولم يشر «ناحي نديس» الذي وضع تصورا مفصلا للهيكل وموقعه عام 1267، إلى حائط البراق .. لم تتضمن تصوراته عن مزاعم «الهيكل» أية إشارة أو تلميحا لحائط البراق !!
وورد في وثائق «كارين أرمسترونغ» (المستشرقة والباحثة الأكاديمية البريطانية، والمتخصصة في علم الدين المقارن) أن السلطان سليمان القانوني رأى في منامه الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمره بالدفاع عن المدينة المقدسة وقبة الصخرة كعبة الأنبياء، فأمر السلطان «سليمان» بإقامة أسوار المدينة التي استغرق بناؤها عشرون عاما وتكلفت أموالا باهظة، ويبلغ طول الحائط الذي مازال قائما ثلاثة أميال وارتفاعه أربعون قدما، وكان الحائط يحمي المدينة المقدسة، وبه أربعة وثلاثين برجا وسبع بوابات، وصمم المهندس «سنان باشا» بوابة دمشق الرئيسية التي أطلق عليها ـ وقتئذ ـ بوابة سليمان ، وبعد أن تم الانتهاء من بناء السور عام 1541 وأصبحت المدينة محصنة، طلب السلطان سليمان من رعاياه الإقامة بها وخاصة اللاجئين اليهود والذين استقروا في أراض الإمبراطورية العثمانية بعد طردهم من إسبانيا المسيحية عام 1492م، ويعتبر ذلك التاريخ هو بداية هجرة اليهود إلى أرض فلسطين .
وحاول اليهود خلال الفترة الأخيرة من الحكم العثماني شراء الحائط ولكنهم فشلوا فلجأوا إلى العنف في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى عام 1929 وانتفض الشعب الفلسطيني للدفاع عنه، ونشبت معارك عنيفة بين الطرفين كادت تتحول إلى ثورة عربية شاملة في فلسطين مما دعا الحكومة البريطانية إلى التقدم لعصبة الأمم عام 1930 بتشكيل لجنة للتحقيق مع اشتراك محكمة العدل الدولية، وانتقلت اللجنة إلى القدس في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام ، واستمعت إلى شهود جميع الأطراف، وحققت في المستندات والوثائق، ثم أصدرت قراراها في مطلع عام 1931 وأكدت اللجنة أن المسلمين سمحوا لليهود بمزاولة شعائرهم الدينية عند الحائط على سبيل التسامح.
وطلبت اللجنة من اليهود مراعاة القيود والاشتراطات التي وضعتها السلطات الإسلامية عند ممارسة اليهود لشعائرهم، وهي الشروط التي سبق وأن وضعتها السلطات البريطانية في الكتاب الأبيض الذي أصدرته عام 1928 ومنها: عدم إحضار اليهود أية ستائر أو مقاعد أو آرائك أمام الحائط ، ويسمح لهم فقط بجلب كتب الصلاة اليدوية .. وكانت لجنة التحقيق قد أولت إهتماما كبيرا بالحقائق الموثقة تاريخيا وعمرانيا، وتؤكد بأن الحائط هو حائط «سليمان العثماني» لا «سليمان الحكيم»، كما أن مواد بنائه وطريقة إنشائه ترجع إلى العصر العثماني، بينما مواد البناء وطرق الإنشاء في عصر «سليمان الحكيم» تختلف تماما عنها في العصر العثماني الحديث ، وهي المواصفات التي أقام بها المهندس «سنان العثماني» سور القدس وحائط البراق جزء منه ، وليس جزءا من حائط هيكل سليمان الذي يبحثون عنه.
سارع الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 إلى إزالة حارة المغاربة التي تواجدت بمحاذاة حائط البراق وحولتها إلى ساحة كبيرة تستخدم الآن لصلاة اليهود.. ويطلق اليهود على الحائط اسم "حائط المبكى" لأنهم يبكون هناك على ما يقولون أنه الهيكل الذي يزعمون أنه كان قائما مكان المسجد الأقصى.
وفي شهر أيار الماضي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول رئيس أمريكي في منصبه يزور الحائط ولكن في حينه رفض أن يرافقه أي مسؤول إسرائيلي خشية أن يفسر الأمر، وكأن الولايات المتحدة الأمريكية تحكم مسبقا على مستقبل هذا الحائط.. ولكن باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل فإن البيت الأبيض قال إنه يرى أن الحائط سيكون جزءا من إسرائيل.