بلال العبويني
ثمة اتفاقيات دولية، لا نعرف على وجه الدقة ما الذي يجعلنا نوقع عليها في ظل أن دولا كبرى مثل الولايات المتحدة لا تنضم إليها وبالتالي لا تعترف بها، ما يعني أنها في حل من أمرها إن ارتكبت ما هو مخالف لبنود الاتفاقية.
إسرائيل، تحذو حذو الولايات المتحدة في ذلك، فهي لا توقع على كثير من الاتفاقيات الدولية من نوع حظر انتشار السلاح النووي أو بعض اتفاقيات حقوق الإنسان، أو المحكمة الجنائية الدولية، ذلك أنها تدرك جيدا أنها ترتكب ما يخالف تلك الاتفاقيات.
الأردن، وقع على غالبية الاتفاقيات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من الاستهداف الإسرائيلي الذي لم تثنه اتفاقية وادي عربة عن خرقها، كما لم تثنه اتفاقية أوسلو عن ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.
الاحتلال الإسرائيلي يرتكب كل يوم مخالفات قانونية وإنسانية وجرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، ومع ذلك لا يستطيع أحد ملاحقته قانونيا ووفقا للاتفاقيات الدولية، لأنه ببساطة غير معترف بالكثير منها ولا تشمله مواثيقها، وحتى تلك التي تشمله فإنه يستطيع الافلات من المساءلة بما تتصف به تلك الهيئات الدولية من انحياز لصالحه.
بالتالي، فإننا في توقيعنا على بعض تلك الاتفاقيات قد جعلنا السيف مسلطا على رقابنا عندما نُعاقب بشكل غير محايد ومنحاز جدا على موقف حق اتخذناه، وعندما تكون تلك الهيئات الدولية تكيل بمكيالين لا يصب في صالحنا على الاطلاق إن كان خصمنا على سبيل الحصر الولايات المتحدة أو الاحتلال الإسرائيلي.
اليوم، وبعد قرار المحكمة الجنائية الدولية بتحويل الأردن إلى مجلس الأمن لعدم التعاون لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير للمحكمة الدولية المطلوب لديها بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لنا أن نسأل ما الفائدة التي حققناها أو سنحققها من المحكمة الدولية في القادم من الأيام في ظل أن عدونا الذي يستهدفنا ويرتكب جرائم حرب باستمرار لا يعترف بها ولا تشمله قراراتها؟.
التحيز والانتقائية التي تعاملت بهما المحكمة الجنائية تدل على عدم نزاهتها، وعدم محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الفلسطينيين لا يدل على عدالة المحكمة، فكيف ننضم إلى محكمة لا تتصف بالنزاهة والعدالة.
لذلك، فإن تحويل الأردن إلى الجنائية الدولية وتجاوز اتفاق الجامعة العربية الذي يشير إلى حصانة الرؤساء العرب، وإلى التعامل الانتقائي في عدم تحويل دول عضوة في اتفاق روما وموقعة على اتفاق المحكمة الجنائية وزارها البشير من قبل لا تستحق أن نظل تحت مظلتها طالما أننا اول المتضررين ولسنا مستفيدين منها في ذات الوقت.
ما نحن أمامه اليوم من قرار الجنائية الدولية، الذي جاء في توقيت مشبوه، يجب أن يكون محفزا لإعادة النظر في مثل هذه الاتفاقيات سريعا باتجاه الانسحاب منها. //