حسين الجغبير
17 شهرا وبضعة أيام مرت على تشكيل حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي الأولى، وما يزال معظم الوزراء "يتمغطون" خلف مكاتبهم، لم يكلفوا أنفسهم عناء النزول إلى الميدان، للقاء الناس، وسماع همومهم، والوقوف على المعيقات التي يواجهونها في مؤسسات الدولة عند مراجعتهم إليها لإجراء أي معاملة.
وفي خضم حالة التردي والتراجع النفسي والمعيشي والاجتماعي التي يقبع تحت وطأتها المواطن الأردني، فإنه بأمس الحاجة للتواصل المباشر مع المسؤولين للحصول منهم على إجابة على أسئلة بشأن العديد من القضايا سواء المحلية المرتبطة بالوضع الاقتصادي، أو العربية المتعلقة بحالة التصعيد غير المفهومة بالمنطقة، في ملفات السعودية وإيران وموقف الأردن منها، أو الأزمة السورية، وخطة أميركا للسلام، وملف العراق، وغيره.
حالة الاشتباك التي تعيشها مؤسسات الإعلام مع الشارع الأردني، تعكس مدى سخط المواطن على المسؤول المتقوقع في مكتبه، جالسا على كرسي من جلد، في قاعة واسعة، لا يأبه بمشاكل المواطن، ولم يلتق به، حتى ولو كان لقاء صدفة، حيث يطالب الأردنيون بأن يقتدي هؤلاء بقائد البلاد الذي طالما كان على تماس مباشر مع أبناء شعبه.
ان نزول الوزير من برجه العاجي، وخلع تاج السلطة من على رأسه، يعني أنه يستطيع أن يقف على أبرز الإشكاليات في وزارته، ومعالجة الاخطاء، ومعرفة احتياجات المواطن، حيث يشعر من هم أدنى درجة من الوزير في الهيكل التنظيمي لوزارته أن هناك من يراقب عملهم، ويتابع أدق التفاصيل بما يعود بالنفع على المواطن بالدرجة الأولى، فهناك الكثير من قضايا الأردنيين الهامة لا يسمع بها الوزراء إلا من خلال وسائل الإعلام، حيث يبقى غائبا أو مغيبا عن كل شيء.
اعتاد الأردني أن يشاهد الوزير في الميدان في حالة واحدة فقط، هو عندما يكون هناك حديث عن تغيير وزاري، حيث الكل يتسابق لأن يثبت نفسه، في مسعى منه لأن يحافظ على موقعه، ليس لأنه مؤتمن على عمله، وليس لأنه حريص على الصالح العام.
لا شك أن هناك بعض الوزراء يقومون بمهام ميدانية، لكن في أغلبها تكون ذات طابع رسمي، لا علاقة لها بالمواطن بشكل مباشر، ولا شك أن هناك وزراء لا نسمع عنهم شيئا إلا في حالة سافروا خارج البلاد للمشاركة في مناسبات مختلفة.
المواطن الأردني مل الوجوه المليئة بالكريما، كما مل مشاهدة البدلات من أفخم الماركات، والأحذية الإيطالية، وربطات العنق الفاخرة، والمركبات الألمانية الحديثة، مل من سماع الأحاديث، مل من كلمة "معالي"، المواطن الأردني لديه الكثير ليقوله، ويستفسر عنه، لديه مشكلات طارئة، لديه معاناة، المواطن الأردني ما يزال ينتظر من يسمع له بوحه.
رئيس الوزراء، الذي يقوم أحيانا بجولات ميدانية مشكورا، مطالب بمحاسبة وزرائه على بقائهم خلف أسوار من ورائها حراس، وان يجبرهم على الالتقاء بالمواطن، والسماع منه، وحل ما يمكن من مشاكله.//