قال النائب الثاني لرئيس مجلس الأعيان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، سمير الرفاعي، إن الأردن هو صوت الاعتدال في المنطقة، بما يملكه من علاقات ممتازة مع جميع الأشقاء العرب، إلى جانب العلاقات المتميزة مع المجتمع الدولي بفضل جهود جلالة الملك عبدالله الثاني.
وأضاف الرفاعي، في المحاضرة التي ألقاها في جمعية الشؤون الدولية مساء الثلاثاء، "لقد بتنا نلمس معطيات جديدة في المنطقة، من أبرزها العداء والكراهية العالمية على المستوى الشخصي تبعا لأعمال الإرهاب المرتكبة، زورا وبهتانا، باسم الدين الحنيف، معتبرا أن هذه الحالة تضاف لحالة الدمار والتفتيت والهجرات وتدمير البنى الإدارية والاقتصادية والتحتية والانهيارات السياسية، التي أتت على أكثر من دولة في المنطقة".
وقال إن الأردن أثبت للعالم أنه قادر على القيام بدور فعال في الحرب على الإرهاب، إلى جانب الاصلاحات المتعددة في السنوات الست الاخيرة، "قمنا بتعديل ثلث الدستور، وأنشأنا محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات، ومضينا قدما في الإصلاحات السياسية"، مشيرا إلى إجراء المملكة الانتخابات البرلمانية العام 2016 والانتخابات البلدية واللامركزية هذا العام.
ولفت إلى ما أصدره جلالة الملك عبدالله الثاني والذي تمثل بسبع أوراق نقاشية حول تطوير الخطاب العام وسيادة القانون والأحزاب والمشاركة السياسية، وهو ما أدى إلى 13 قانونا حول الإصلاح القضائي، على سبيل المثال.
وقال الرفاعي إن الأردن تحمل العديد من المسؤوليات في التعامل مع الأزمات الإقليمية باستضافته لاجئين من العديد من الأقطار العربية، علما بأنه لم يكن جزءا من أسباب هذا النزوح واللجوء، معتبرا أنه من الإنصاف أن يكون للأردن وللأردنيين دور فاعل في إعادة إعمار المنطقة مستقبلا.
وأكد أهمية استقطاب استثمارات عربية في المشاريع الأردنية الكبرى كمشروع المدينة الجديدة وقناة البحرين وسائر المشاريع الأخرى التي تؤمن فرص عمل حقيقية للشباب وتدعم الطبقة الوسطى.
وحول العلاقات بين فتح وحماس، قال إن هناك تطورا نوعيا آمل أن يؤدي إلى اتفاق حقيقي ودائم يزيل حجة إسرائيل بعدم وجود صوت موحد للفلسطينيين، معتبرا أنه لا حل ممكن أو مقبول دون الوصول لسلام حقيقي مبني على حل الدولتين، ويلبي المصالح الأردنية العليا.
ورجح الرفاعي أن تكون الأزمة السورية هي المحرك البارز الذي يقود العملية السياسية في المنطقة بعد انتهاء العمليات العسكرية، مبينا أن الصراع العربي الاسرائيلي لم يعد جوهر الصراع كما لم يعد الأساس الذي تقوم عليه التحالفات والتعارضات الإقليمية، ولن يقود، العملية السياسية في المنطقة.
وحول المنطقة العربية، قال إن المنطقة تشهد انكماشا في الهوية العربية، وصعود الدعوات القطرية والعرقية والطائفية والقبلية والإثنية، لافتا إلى أن هذا السلوك أدى لتراجع وانحسار أي إحساس بالوحدة والتلاحم العربي.
واعتبر أن التحدي الأكبر والأهم الذي يواجه الأمة اليوم هو واقع ومستقبل الشباب العربي- الذي يشكل ما نسبته 70 بالمئة من سكان المنطقة، مؤكدا ضرورة التعاطي مع هذا الواقع بتأمين حقوق التعليم والصحة والسكن للشباب لتجنيبهم الانجرار خلف الافكار المتطرفة.
وبين ان المنطقة العربية تمر بأزمة اقتصادية؛ حيث وصلت البطالة بين الشباب لنحو 30 بالمئة، ما يحتاج لتأمين 18 مليون فرصة عمل للحفاظ على هذه النسبة.
وأكد الرفاعي أهمية التركيز على مشاركة الشباب وفرص العمل لتمكين الأجيال المقبلة من النمو كجزء من الطبقة الوسطى، وبإمكانات تدعم الإبداع والتميز.
وقال "إننا بدأنا ننظر لأنفسنا كدول منفصلة، بدلا من أن نكون شعبا واحدا موحدا يتشارك نفس اللغة والثقافة والتاريخ، وننظر لبعضنا بالشك والريبة، مضيفا أن الذي يدعو للأسف اليوم هو أن عدد القتلى من العرب وبأيد عربية فاق بكثير عدد القتلى والشهداء في جميع حروبهم ضد الاستعمار والإحتلال".
وأضاف أن المنطقة العربية كانت سابقا تستوحي بشكل جماعي من نموذج سياسي، ونموذج اقتصادي وعقد اجتماعي، أما الآن فإن هذه الثلاثة جميعا في حالة من الفوضى.
وأشار إلى أن الحكومات العربية لم تعد قادرة على القيام بالتزاماتها بموجب العقد الاجتماعي القديم بسبب التدهور الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط، وتداعيات الأزمات الإقليمية على اقتصاداتها وزيادة عدد السكان.
وأضاف أن المطلوب اليوم هو التركيز على خلق منصة الثقة والشفافية بين الدول العربية، كالجامعة العربية، بحيث تستخدم تلك المنصة لوضع حد موحد للإنفاق العسكري وتركز الدول إنفاقها على التعليم والصحة والبنية التحتية والتوظيف، تعزيزا للاقتصاد ونوعية الحياة لمواطنيها. (بترا)