البث المباشر
الأرصاد: أجواء باردة وتحذيرات من الصقيع والضباب صباح الجمعة قرار ضد ملكة جمال مصر سلامي: ولي العهد أبلغني أن الملك سيمنحني الجنسية الأردنية رغم التحذيرات .. الدفاع المدني يتعامل مع إصابات بالاختناق بسبب (الشموسة) رئيس الوزراء: النشامى صنعوا أجمل نهائي عربي الأرصاد : أجواء باردة تسود المملكة وتحذيرات صباح الجمعة نهائي لوسيل الأردن لم يسقط والمغرب لم يسرق المجد البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب الملك يشيد بأداء المنتخب الوطني وجمهوره الوفي وصافة لا تُختصر بالنتيجة.. النشامى يكتبون نهائيًا تاريخيًا و المغرب يتوج بلقب كأس العرب 2025 ولي العهد والاميرة رجوة يتابعان مباراة النشامى في ستاد لوسيل العيسوي ينقل تعازي الملك وولي العهد إلى عشائر الشبول والرشدان والخلايلة والسعايدة والبقور العيسوي: الأردن يمضي بثقة بقيادته الهاشمية ومسارات التحديث ركيزة قوة الدولة أسبوع للاستدامة في العاصمة ابو ظبي الإمارتيه في يناير المقبل . "سيتي العالمية" تختار لجنة الإنقاذ الدولية في الأردن ضمن تحدي الابتكار العالمي وزير التربية: المحافظة على اللغة العربية مسؤولية مشتركة اللواء الركن الحنيطي يزور كتيبة الأمير طلال الآلية5 ويفتتح مباني فيها وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني "نابلس/ 9" ولي العهد قبيل نهائي كأس العرب: جماهير الأردن الوفية مصدر قوة وعزيمة النشامى مرسى أيلة تعزّز السلامة البحرية عبر تدريبات عملية للعمل البحري الدولي

؟؟؟؟؟؟؟

الأنباط -
د. أيوب أبودية

في كل مرة يعلن فيها شخصٌ ما اعتناقه الإسلام، نلاحظ موجة واسعة من الترحيب والاحتفاء في الفضاء العام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأحيانًا في المساجد والمنابر على صعيد عالمي. في المقابل، نادرًا ما نشهد ردود فعل مشابهة عند دخول شخص إلى المسيحية أو خروجه منها، بينما يبدو اليهود – على نحو مختلف تماما – أكثر حرصًا وانتقائية، بل وتحفّظًا، تجاه من يرغب في الانضمام إلى ديانتهم.
هذا التباين لا يمكن فهمه دينيًا فقط، بل يحتاج إلى قراءة تاريخية واجتماعية وثقافية أعمق.
 
في السياق الإسلامي، يرتبط الفرح بإسلام شخص جديد بعقيدة مركزية مفادها أن الإسلام هو «خاتمة الأديان» و«الطريق الأقوم» للنجاة في الآخرة... من هذا المنطلق، فإن دخول شخص إلى الإسلام يُنظر إليه لا كخيار فردي فحسب، مع أنه كذلك، بل كـ«هداية» ونجاح أخلاقي وروحي جماعي. يضاف إلى ذلك أن المجتمعات الإسلامية، التي عاشت قرونًا من التراجع السياسي والاستعماري والضغط الثقافي، باتت ترى في اعتناق غير المسلم للإسلام تعويضًا رمزيًا عن شعور تاريخي بالهزيمة أو التهميش، وكأنه دليل معاصر على رفعة الدين وقوته الأخلاقية وصلاحيته العلمية لكل زمان ومكان في عالم مضطرب.
 
كما أن فكرة «الأمة» في الإسلام تلعب دورًا مهمًا، فالمسلم لا ينتمي إلى جماعة دينية محلية فقط، بل إلى كيان عابر للحدود. كما فعلت أوروبا أثناء الصراع مع الوثنيين، ثم مع المسلمين، وبعدها مع بعضهم البعض خلال الصراع الكاثوليكي البروتستانتي، عندما انشقوا إلى أمتين: واحدة كاثوليكية والثانية بروتستانتية. لذا فإن زيادة عدد المسلمين تُقرأ اليوم بوصفها تعزيزًا للأمة كلها، لا مجرد إضافة رقمية. وهذا ما يفسر الحماس الجمعي، وأحيانًا المبالغ فيه، تجاه قصص الأسلمة الجديدة، خصوصًا إذا كان الداخل في الإسلام شخصية عامة أو من خلفية ثقافية غربية.
 
في المقابل، تبدو المسيحية – خاصة في سياقها الغربي المعاصر – أقل اهتمامًا علنيًا بمن يدخل أو يخرج منها. ويعود ذلك إلى عدة أسباب.. تاريخيًا، كانت المسيحية في أوروبا وأمريكا ديانة مهيمنة اجتماعيًا وسياسيًا، ولم تكن بحاجة إلى إثبات ذاتها عدديًا أو رمزيًا. ومع صعود الحداثة والعلمانية، خاصة بعد الثورة الفرنسية، تحولت المسيحية في كثير من المجتمعات إلى خيار شخصي خاص، لا قضية هوية جماعية مصيرية. فالانتماء الديني لم يعد معيارًا أساسيًا للمواطنة أو القبول الاجتماعي، وبالتالي فإن التحول الديني فقد طابعه الدرامي.
 
إضافة إلى ذلك، فإن اللاهوت المسيحي السائد اليوم يركز على الخلاص الفردي والعلاقة الفردية بين الإنسان والله، أكثر من التركيز على الجماعة العددية أو «توسيع الصفوف ورصّها». لذلك، لا يُنظر إلى الدخول أو الخروج من المسيحية بوصفه انتصارًا أو خسارة جماعية، بل مسارًا شخصيًا تحكمه قناعة الفرد وتحدده حريته التي يتمتع بها.
 
أما اليهودية، فهي حالة مختلفة تمامًا، فاليهودية ليست دينًا تبشيريًا بطبيعته، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية القومية والتاريخ المشترك والنسب.. الانتماء اليهودي، وفي كثير من مدارسه، ليس مسألة إيمان فقط، بل مسألة «شعب» وذاكرة جماعية وتجربة تاريخية قائمة على "الاضطهاد والنجاة".. لهذا السبب، فإن اليهود أكثر تحفظًا وحذرًا تجاه من يرغب في اعتناق ديانتهم، ليس رفضًا بالضرورة، بل حرصًا على صون هوية مجموعة صغيرة عددًا، عميقة الجراح، شديدة الحساسية تجاه الاختراق أو الادعاء السطحي.
كما أن التاريخ الطويل من "الاضطهاد" جعل الجماعات اليهودية حذرة من التحولات الدينية المفاجئة، إذ كانت أحيانًا وسيلة للاختراق أو للضغط السياسي. لذلك، فإن اعتناق اليهودية غالبًا ما يتطلب وقتًا طويلًا ودراسة والتزامًا صارمًا، وليس احتفاءً فوريًا، ربما باستثناء الحاجة الماسة لمحاربين وأيدٍ عاملة كما حدث بعد السابع من أكتوبر.
 
في المحصلة، فإن اختلاف ردود الفعل بين المسلمين والمسيحيين واليهود تجاه من يدخل في دياناتهم أو يخرج منها لا يعكس بالضرورة تفاضلًا أخلاقيًا، بل يعكس اختلافًا في التجارب التاريخية، وبنية الهوية، وعلاقة الدين بالسلطة والمجتمع، وعلاقة دول الشمال بالجنوب، ونمط الإنتاج العالمي السائد.. وحماسة المسلمين مفهومة في سياق شعور جماعي بالهوية والرسالة العالمية والتراجع الحضاري، فيما صمت المسيحيين نابع من فردانية الإيمان في عالم علماني وظروف اجتماعية معقدة وفردانية قاسية.. أما حذر اليهود فيرتبط بخصوصية تاريخية وهوياتية تشكلت تحت ضغط البقاء.
 
وبناء عليه، فإن فهم هذه الفروق لا يساعد فقط على تفسير الظاهرة، بل يفتح بابًا لنقاش أعمق حول معنى الإيمان، وغايته، وحدود الجماعة، وعلائقها بغيرها، وكيف يمكن للدين أن يكون مساحة قناعة روحية فردية لا ساحة صراع رمزي أو عددي..
فماذا استفدنا من أكثر من ملياري مسلم عندما كانت غزة تباد؟؟؟
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير