الأنباط -
أحمد الضرابعة
رغم الإيحاءات الرسمية بأن مجلس النواب باقٍ وسيكمل عمره الدستوري، وأنه لن يُحلّ في إطار التعاطي مع الأزمة التي يواجهها حزب جبهة العمل الإسلامي، تتدفق يومياً أخبار تُرجّح حلّه، مع سيناريوهات لما بعد ذلك. من الواضح أن هناك أطراف تسعى إلى تسويق فكرة حل مجلس النواب لتعطيل مشروع التحديث السياسي الذي يمثل رؤية الدولة الأردنية لما تُريد أن تكون عليه في العقود القادمة تحت لافتة استباق أزمة الإسلاميين والضغوط التي قد تتبعها. أزمة الإسلاميين، حزباً وجماعة، وتداخلاتها المحلية والدولية تحت السيطرة، ولا داعٍ لإثارة فزع الدولة الأردنية وإظهار الأزمة بصورة أكبر مما هي عليه في الواقع لتبرير الاقتراحات والسيناريوهات التي يجري دفعها بزخم إعلامي مثير للاستغراب. الإسلاميون، مهما تضخّم حجمهم، هم مجرد مكون سياسي يمكن تحجيمه بسياسات رسمية تضع حداً لأزمتهم، وارتداداتها على الدولة الأردنية عبر أدوات قانونية وإدارية فاعلة، وبالتالي، فإن الدعوات إلى حل مجلس النواب ضمن هذا الإطار، ليست مُبرّرة، ولا بد من وضع حد لها؛ لأنها تخلق إرباكاً سياسياً في مرحلة تتعاظم فيها أهمية الاستقرار السياسي للأردن، وهو ما يتطلب عدم السماح بشغور أي سلطة رسمية. من أخرج سيناريو حل مجلس النواب لواجهة النقاش العام وأظهَرهُ للمتابعين كخيار جدّي لدى صانع القرار لاحتواء أزمة الإسلاميين يتحمل مسؤولية بقاء هذه الإشاعة في طور التداول حتى هذه اللحظة، بل وما أُضيف لها من تعديلات دستورية محتملة تُبنى على حل مجلس النواب، فأضرار ذلك امتدت إلى داخل الأحزاب السياسية، والمواطنين الذين يترقّبون الفصل الثاني من مشروع التحديث السياسي ضمن الجدول الزمني الذي وضعته الدولة الأردنية لتنفيذه بضمانات ملكية للوصول إلى مرحلة تتشكل فيها حكومات برلمانية، وهذا ما يتأتى عبر مراكمة التجارب الحزبية وإفرازاتها النيابية
ما أعرفه، حتى الآن، هو أن مجلس النواب لن يُحل تحت أي عنوان، وأن أزمة الإسلاميين يمكن حسمها عبر القضاء، وأن التوجه الأميركي لتصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ودول أخرى ضمن قوائم الإرهاب يمكن تطويق آثاره وجعلها في أضيق نطاق على النحو الذي يحمي مشروع التحديث السياسي ويضمن استمراره، ولذلك، فإن تصريحاً رسمياً واضحاً يحسم الجدل حول مصير مجلس النواب ويضع حداً للشغب السياسي والإعلامي، صار مطلوباً أكثر من أي وقت مضى..