البث المباشر
أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة مديرية الأمن العام تطلق خدمة “التدقيق الأمني للمركبات” عبر الرقم الموحد "117111" موهبة استثنائية .. جامعة روشستر في دبي تقبل طالبا بعمر 12 عامًا وزارة الصناعة والتجارة والتموين تفوز بجائزة التميز الحكومي العربي .. أفضل وزارة عربية خبراء بمنتدى القطاع غير الربحي: الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالميًا المساعد للعمليات والتدريب يلتقي وفداً عسكرياً سعودياً الصداقة الأردنية الإسبانية في الأعيان تلتقي السفير الإسباني المساعد للعمليات والتدريب يلتقي وفداً عسكرياً سعودياً رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل السفير القطري دوجان: الأردن ملتزم بحماية الاطفال من كافة أشكال الاستغلال الاقتصادي "الصناعة والتجارة" أفضل وزارة عربية

الممر الطبي الأردني ... سياسة الرحمة وكرامة الفعل

الممر الطبي الأردني  سياسة الرحمة وكرامة الفعل
الأنباط -

د. خالد العاص

في زمن تتراجع فيه القيم الإنسانية أمام حسابات المصالح، يطلّ الأردن بمبادرة تُعيد للرحمة معناها، عبر "الممر الطبي الأردني" الذي أطلقه جلالة الملك عبدالله الثاني منذ آذار الماضي. ليست هذه المبادرة مجرّد عملية نقل مرضى من قطاع محاصر، بل شريان حياة يمتد من عمّان إلى غزة، يعبر الحدود محمّلاً بالأمل، ويؤكد أن الأردن، رغم محدودية موارده، يمتلك القدرة على حماية الضعفاء وصون كرامتهم.

غزة، المدينة الجريحة التي أنهكتها الحرب، تجد في الممر الطبي الأردني نافذة حياة. ففي أحدث جهود هذه المبادرة، أجْلت القوات المسلحة الأردنية الدفعة الرابعة عشرة من أطفال غزة، وشملت 14 مريضًا و38 مرافقًا، لتلقي العلاج في المستشفيات الأردنية بالتنسيق مع وزارة الصحة. ومنذ انطلاق المبادرة في آذار الماضي، استقبل الأردن 911 شخصًا من غزة، بينهم 266 مريضًا و645 من ذويهم، نُقلوا برًّا وجوًّا لتلقي العلاج والرعاية. هذه الأرقام ليست بيانات بروتوكولية، بل سرد رقميّ لإنسانية تُترجم إلى فعل يومي، يؤكد أن الدور الأردني في فلسطين ليس موسمياً ولا خطابياً، بل جزء من عقيدة الدولة ووجدانها.

"الممر الطبي الأردني" ليس مجرد علاج، بل ممر للكرامة. كل طفل غزّيّ يصل إلى المستشفيات الأردنية يحمل شهادة حيّة على التزام عمّان تجاه فلسطين، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، وبسياسة إنسانية ذات بعد استراتيجيّ. وفي كل رحلة علاج، تتجلى الصورة الرمزية التي تُلخّص الموقف الأردني بأكمله: جنديّ أردنيّ يحمل طفلًا بين يديه، ووالدة تلوّح بامتنان يختصر وجعها وفرحها في لحظة واحدة. مشهد بسيط في ظاهره، لكنه عميق في رمزيته، يُظهر أن الرحمة هنا ليست شعورًا، بل ممارسة سيادية أخلاقية.

إنها سياسة الرحمة التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني بوعي أخلاقي واستراتيجي في آن واحد؛ رؤية ترى في الإنسان محور الأمن والاستقرار، وفي العطف أحد أشكال القوة. فالأردن لا يرفع شعارات، بل يحمل على أكتافه جرحى غزة كما يحمل مسؤولياته التاريخية تجاه فلسطين، محافظًا على توازن نادر بين الموقف الأخلاقي والموقف السياسي، بين الواجب الإنساني والمصلحة الوطنية.

"الممر الطبي الأردني" إذًا، ليس برنامجًا صحيًا عابرًا، بل إعلان متجدّد عن هوية دولة تُمارس الإنسانية كسياسة، وتمنح الكرامة شكلها العمليّ في زمن فقد فيه العالم حسّه الإنساني. وهكذا، تظلّ الطائرة التي تقلّ مرضى غزة نحو عمّان ليست وسيلة نقل فقط، بل رمزًا لنهج سياسي يرى أن الرحمة يمكن أن تكون أداة سيادة، وأن الحماية يمكن أن تكون موقفًا من القوة.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير