الزعبي: بنك البذور مشروع سيادي لحماية إرثنا الزراعي وضمان أمننا الغذائي
الخوالدة: الأصول الوراثية ثروة وطنية تأقلمت مع بيئتنا ويجب حمايتها من الاندثار
المصري: بنك البذور سلاح استراتيجي لمواجهة الجفاف وضمان الأمن الغذائي
الأنباط – رزان السيد
تواجه برامج حفظ الأصناف الوراثية المحلية جملة من العقبات البيئية والتقنية والمؤسسية التي تهدد استمرارية هذه الموارد الحيوية، ويُعد تآكل التنوع الوراثي من أبرز هذه التحديات، نتيجة لتحوّل أنماط الزراعة من الأساليب التقليدية إلى الزراعة التجارية.
ولمواجهة هذه التحديات وغيرها جاء بنك البذور الوطني الذي أُنشِئ بناءً على توجيهات مباشرة من جلالة الملك في العام 2020 للحفاظ على الأصناف الوراثية المحلية باعتبارها مسؤولية وطنية جماعية تُبنى على استراتيجية شاملة تشمل دعم السياسات الزراعية الموجهة للتنوع.
وضمن هذا المسعى، ووافق مجلس الوزراء مؤخرًا على حزمة من المشاريع الزراعية الاستراتيجية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، وذلك في إطار مساعي الحكومة لتعزيز الزراعة المستدامة، وتمكين المجتمعات الريفية، وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة.
وتهدف هذه المشاريع إلى دعم المزارعين، وتحسين الإنتاجية الزراعية، وفتح آفاق جديدة للوصول إلى الأسواق المحلية والدولية، بالإضافة إلى تعزيز الزراعة المقاومة لتغيرات المناخ، وتمكين الشباب والنساء اقتصاديًا في المناطق الريفية.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني افتتح الشهر الماضي في لواء عين الباشا بمحافظة البلقاء بنك البذور الوطني التابع للمركز الوطني للبحوث الزراعية، الذي يهدف إلى الحفاظ على السلالات الوراثية النباتية وتعزيز الأمن الغذائي.
بنك البذور الوطني.. مشروع استراتيجي لحفظ التنوع الوراثي وتعزيز الأمن الغذائي
في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز منظومة الأمن الغذائي في الأردن، أشار خبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي إلى أن إنشاء بنك البذور الوطني جاء بناءً على توجيهات مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وذلك خلال اجتماع خاص عُقد في الديوان الملكي الهاشمي في قصر الحسينية في بدايات جائحة كورونا، وقد وجّه جلالته كلًا من المركز الوطني للبحوث الزراعية والجامعة الهاشمية للمضي قدمًا في تنفيذ هذا المشروع المشترك، الذي يُعد الأول من نوعه سواء من حيث طبيعته العلمية أو من ناحية أسلوب تمويله، ورغم أن البنك قد باشر عمله فعليًا منذ عام 1993، ويضم عينات بذرية يعود تاريخ أقدمها إلى عام 1927، إلى جانب أكثر من ألفي عينة عشبية تعود أقدمها إلى عام 1898، فإن هذا المشروع يمثل مرحلة جديدة في تطوير البنية التحتية لتخزين الموارد الوراثية.
وأضاف الزعبي خلال حديثه لـ"الأنباط" أنه تم تسليم مبنى بنك البذور الوطني في شهر مايو/أيار من عام 2024، وقد صُمم وفق أحدث معايير الأبنية الخضراء، بمساحة إجمالية تبلغ 3170 مترًا مربعًا، مع تخصيص خمسة دونمات للخدمات المرافقة وخمسة دونمات أخرى لإكثار مدخلات البنك، كما سيزود البنك بمختبرات وتجهيزات علمية حديثة وقاعات تدريب متطورة، إضافة إلى غرف تبريد لحفظ العينات على المدى الطويل بدرجة حرارة -20 درجة مئوية، وهي درجة أكثر فاعلية مقارنة بدرجة 5 مئوية المستخدمة حاليًا.
وفي ظل التحديات المناخية المتسارعة، هناك حاجة ماسة لاتخاذ خطوات إضافية لتعزيز استدامة الزراعة وضمان أمن غذائي طويل الأمد، ووفقًا للزعبي فإنه من أبرز هذه الخطوات العمل على تنمية الكفاءات البشرية من خلال التدريب المستمر والبعثات العلمية، بما يسهم في نقل المعرفة وتطوير المهارات في مجالات الزراعة وإنتاج البذور، كما أن تعزيز التعاون مع القطاع الخاص يكتسب أهمية خاصة، خصوصًا في ظل وجود شركات أردنية متخصصة في إنتاج البذور وتصديرها إلى أكثر من أربعين دولة، ما يعزز من تنافسية الأردن في الأسواق العالمية.
ويمثل توثيق التعاون بين الجامعات ومراكز البحث العلمي خطوة محورية لدعم الابتكار وتطوير تقنيات زراعية تلبي احتياجات الواقع المحلي، ومن المهم أيضًا استكمال الإجراءات اللازمة لاعتماد البنك الوطني لإصدار شهادات ISTA، لما لذلك من أثر في تعزيز الثقة الدولية في جودة البذور الأردنية، كما يجب العمل على تطوير استراتيجيات فعالة لجلب التمويل اللازم لمشاريع البحث العلمي والابتكار في القطاع الزراعي، من خلال التعاون مع مؤسسات دولية ومنظمات مانحة، إلى جانب القطاع الخاص، لتفعيل برامج تمويل مستدامة تمكّن المزارعين من تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة وتحسين الإنتاجية، بحسب الزعبي.
وفي السياق البيئي، أكد الزعبي أن البنك يضطلع بدور كبير في دعم المحميات الطبيعية، لا سيما وأن المساحات المحمية في الأردن لا تتجاوز 5% من المساحة الكلية، في حين بلغت عالميًا 20%، كما أن تراجع نسبة الأشجار البرية في الأردن من 1% إلى 0.5% يعكس الحاجة إلى جهود وطنية حثيثة لإعادة تأهيل الغطاء النباتي وحماية التنوع البيولوجي، مشيرًا إلى دور المجمعات الوراثية الأردنية التي شكّلت تجارب ناجحة في الحفاظ على سلالات نباتية مميزة، مثل مجمع الشوبك لسلالات التفاح، مجمع المشقر للفستق الحلبي والصبر والزيتون، ومجمع الكرامة لسلالات التمور، وقد تم بالفعل توثيق أصول وراثية أردنية مميزة مثل العواسي وجمال العليا وزيتون المهراس، ما يدعم حفظ الموارد الوراثية وتعزيز استخدامها في الإنتاج الزراعي المستدام.
كما بيّن أن هذه الجهود لا تخلو من التحديات، إذ تواجه برامج حفظ الأصناف الوراثية المحلية جملة من العقبات البيئية والتقنية والمؤسسية التي تهدد استمرارية هذه الموارد الحيوية، ويُعد تآكل التنوع الوراثي من أبرز هذه التحديات، نتيجة لتحوّل أنماط الزراعة من الأساليب التقليدية إلى الزراعة التجارية التي تعتمد بشكل كبير على البذور المهجنة والمستوردة، ورغم أن هذه الأخيرة قد تحقق إنتاجية عالية على المدى القصير، إلا أنها تؤثر سلبًا على الأصناف المحلية الأصيلة، مما يُعرضها لخطر الانقراض، كما أن هذا التوجه مدفوع أحيانًا بسياسات زراعية تركز على الكفاءة دون أن تأخذ في الاعتبار أهمية التنوع الوراثي، وهو ما يُقوض قدرة القطاع الزراعي على التكيف مع التغيرات المناخية.
وتابع أنه يضاف إلى ذلك التحديات البيئية التي تشمل شح المياه، التصحر، وتقلص الرقعة الزراعية بسبب الزحف العمراني، ما يقلل من فرص الحفاظ على هذه الأصناف في بيئاتها الأصلية، وعلى المستوى المؤسسي، تُعاني برامج توثيق البذور المحلية من ضعف التنسيق بين الجهات المعنية ونقص التمويل، فضلًا عن افتقار هذه الجهود إلى الربط العملي مع المزارعين أو نظم الإنتاج الزراعي القائمة، مضيفًا أن الوعي المحدود لدى عدد كبير من المزارعين بأهمية الأصناف التقليدية، والتي قد تُعتبر في نظر البعض "أقل ربحية"، يؤدي إلى تراجع استخدامها بشكل تدريجي.
ومن هنا، فإن الحفاظ على الأصناف الوراثية المحلية يجب أن يكون مسؤولية وطنية جماعية تُبنى على استراتيجية شاملة تشمل دعم السياسات الزراعية الموجهة للتنوع، إطلاق حملات توعية مجتمعية، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات العلمية، إلى جانب دمج هذه الأصناف في الأسواق الحديثة بما يضمن استدامتها اقتصاديًا وزراعيًا.
أما عن الدور المحوري الذي يلعبه التنوع الوراثي في مواجهة آثار التغير المناخي، أكد الزعبي أن المحاصيل المحلية التي نشأت وتطورت ضمن بيئة الأردن الطبيعية تمتلك خصائص فريدة تمكّنها من الصمود أمام التحديات المناخية القاسية، مثل الجفاف وملوحة التربة وتفاوت درجات الحرارة، وقد أثبتت بعض أصناف القمح والشعير المحلية قدرتها العالية على مقاومة مثل هذه الظروف، مما يجعلها خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه.
ولا يقتصر دور التنوع الوراثي على مقاومة المناخ، بل يمتد إلى تعزيز مقاومة الأمراض والآفات، ما يُقلل من الحاجة للمبيدات الكيميائية ويساعد في الحفاظ على النظم البيئية، كما يعد هذا التنوع مصدرًا رئيسيًا للابتكار الزراعي، إذ يمكن من خلاله تطوير أصناف جديدة تجمع بين الإنتاجية والمرونة، مما يدعم الأمن الغذائي الوطني ويقلل الاعتماد على الاستيراد، ويسهم التنوع الوراثي كذلك في تمكين المزارعين من اختيار الأصناف الأنسب لظروفهم المحلية من حيث نوع التربة ووفرة المياه، بدلًا من اعتماد حلول زراعية موحدة قد لا تنجح في جميع السياقات.
مشاريع استراتيجية لحماية الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة
من جهته، أكد وزير الزراعة الأسبق، الدكتور رضا شبلي الخوالدة، أن التنوع الوراثي للنباتات في الأردن يمثل أهمية قصوى من النواحي الزراعية والبيئية، مشيرًا إلى أن الأصول الوراثية الموجودة في الأردن هي أصول وراثية تأقلمت مع ظروفنا على مدى سنين طويلة، وبالتالي فهي تحمل صفات وراثية قادرة على النمو في البيئات الأردنية، وتتمتع بقدرة على مقاومة الآفات وتحمل الجفاف والظروف المناخية الصعبة، فضلًا عن ظروف أخرى متعددة.
وأضاف الخوالدة أن هذه الأصول تعد ثروة وطنية كبيرة جدًا يجب أن نحافظ عليها، ولهذا السبب، كان هناك عبر السنوات اهتمام كبير بالتنوع الوراثي، وتم إنشاء بنوك وراثية وبنوك للبذور، منها ما يجمع هذه الأصول بهدف الحفاظ عليها من الضياع أو الاندثار".
وأوضح الخوالدة في حديثه لـ"الأنباط"، أن البنك الوطني للبذور أُنشئ في المركز الوطني للبحوث الزراعية، وهناك أيضًا بنك بذور تابع للحديقة النباتية الملكية، حيث يتم تجميع كميات كبيرة من البذور والأصناف البرية، وبعض هذه السلالات تحفظ أيضًا في المحافظة العالمية للأصول الوراثية حتى نضمن استمرارها للأجيال القادمة.
وتابع: "هذه الأصول تأقلمت مع بيئتنا، لذلك علينا أن نستفيد منها في تطوير أصناف جديدة واستنباط صفات وراثية متقدمة، فمثلًا، إذا كانت لدينا صفة مقاومة للجفاف، فيمكن من خلال التهجين مع أصناف إنتاجية أخرى أن ننتج سلالات جديدة تتحمل الجفاف والملوحة وتغير المناخ، وقد تتمتع بقيمة غذائية عالية ومقاومة أكبر للأمراض والآفات".
وأشار الخوالدة إلى أن بعض هذه الأصناف تعرف بالأصناف المحلية، أو ما يطلق عليها Landraces، وهي تشمل أشجارًا مثل أنواع من التين والزيتون، إضافة إلى بعض أصناف الخضروات التي استطاعت أن تتحمل الواقع البيئي عبر سنوات طويلة، مما يجعل لديها مخزونًا وراثيًا ثمينًا.
كما أكد ضرورة الحفاظ على هذه الأصناف وتكاثرها ونوليها اهتمامًا كبيرًا حتى لا تندثر، خاصة في ظل التوجه المتزايد نحو استخدام الأصناف المهجنة، وخصوصًا في الخضروات، مما قد يؤثر سلبًا على الأصناف المحلية".
وأضاف أن المحافظة على هذه الأصول الوراثية أمر في غاية الأهمية، لأنها تحتوي على مادة وراثية قيّمة تراكمت عبر السنين، كما أن الأصناف المحلية التقليدية يجب أن تبقى جزءًا من منظومتنا الغذائية، ويجب علينا أن نعيد دمجها في سلاسل الإنتاج والاستهلاك.
كما أن بعض هذه الأصناف المحلية تتمتع بقيمة غذائية عالية جدًا، ولكنها تراجعت بسبب الاعتماد على الأصناف المهجنة والمدخلة، ولذلك من المهم أن نعيد تسليط الضوء عليها وتسويقها بشكل جيد، سواء على مستوى الزراعة أو على مستوى استهلاك منتجاتها، حتى نحافظ عليها".
وحذر الخوالدة من تدهور التنوع الحيوي قائلًا: "إذا تدهور التنوع الحيوي، فإن البيئة تتدهور معه، وتدهور الأنواع النباتية يؤدي إلى مشكلات بيئية كبيرة، مثل اختفاء الغطاء النباتي، وظهور أمراض نباتية خطيرة، وقد يؤدي ذلك إلى التصحر واستنزاف النباتات البرية".
وأشار إلى وجود ما يعرف بـ"القائمة الحمراء للنباتات"، وهي تضم النباتات التي لم يتبقَ منها سوى أعداد محدودة، قائلًا:"نحن الآن نهتم بإكثار هذه النباتات وإعادتها إلى بيئاتها الطبيعية، وهذا جهد مهم لحماية الغطاء النباتي والتوازن البيئي في الأردن".
واختتم الخوالدة حديثه بالتأكيد على أن الحفاظ على التنوع الحيوي يضمن التوازن البيئي ويحمي الأنواع النباتية من الانقراض، وعلينا جميعًا – حكومة ومجتمعًا – أن نعي أهمية هذه الأصول الوراثية، وأن نعمل معًا لضمان استدامتها وحمايتها من التدهور.
جهود الأردن في تعزيز الأمن الغذائي.. من بنك البذور إلى حماية التنوع الوراثي
بدوره، أوضح وزير الزراعة الأسبق، الدكتور سعيد المصري، أن مشروع الحكومة لحفظ وتحسين التنوع الوراثي من خلال بنك البذور، الذي افتتحه جلالة الملك، يمثل خطوة استراتيجية ذكية تأتي في توقيت حرج تشهده المنطقة والعالم، في ظل التغيرات البيئية المتسارعة وتحديات الأمن الغذائي المتنامية، معتبرًا أن الحفاظ على التنوع الوراثي للنباتات يعد ركيزة أساسية لتحقيق الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي في الأردن.
وبيّن المصري خلال حديثه لـ"الأنباط"، أن أهمية الحفاظ على التنوع الوراثي للنباتات تنبع من بعدين رئيسيين، الأول زراعي، حيث يشكل هذا التنوع ما يشبه "بنكًا جينيًا" غنيًا يمكن الاستفادة منه لتحسين المحاصيل وزيادة إنتاجيتها، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها على مقاومة الآفات وتحمل الجفاف، أما البعد الثاني فهو بيئي، إذ تسهم الأصناف المحلية المتنوعة في تعزيز استدامة النظم البيئية الزراعية من خلال تكيفها الطبيعي مع التربة والمناخ المحلي، مما يقلل الحاجة لاستخدام المكثف للمبيدات والأسمدة الكيميائية.
وأشار إلى أن الدراسات الوراثية والمورفولوجية التي ترافق هذا المشروع من المتوقع أن تسفر عن مخرجات مهمة، من بينها تحليل الصفات الوراثية المفيدة مثل مقاومة الجفاف أو الأمراض، وتصنيف الأصناف المحلية وتحديد الأنسب منها للحفاظ عليها، كما ستسهم هذه الدراسات في استنباط سلالات جديدة من خلال تهجين مدروس بين الأصناف المحلية أو عبر إدخال جينات محسّنة، إلى جانب بناء قاعدة بيانات وطنية تحتوي على المعلومات الوراثية والمورفولوجية للأصناف الزراعية الأردنية، ما يعد أداة استراتيجية للتخطيط الزراعي المستقبلي.
وفي معرض حديثه عن الفروقات بين الأصناف المحلية والمهجنة، أوضح المصري أن الأصناف المحلية تتميز بتكيفها الطبيعي مع المناخ الأردني، ولديها مقاومة نسبية للآفات المحلية والجفاف، كما تمتاز غالبًا بطعمها ونكهتها المميزة، وعلى الرغم من أن إنتاجيتها قد تكون أقل من الأصناف المهجنة، إلا أنها أكثر استقرارًا على المدى الطويل، في المقابل، فإن الأصناف المهجنة تتمتع بإنتاجية عالية لكنها تتطلب ظروفًا زراعية محسنة، مثل الري المنتظم واستخدام المبيدات، كما أنها أكثر حساسية للتغيرات البيئية وقد تفقد بعض خواصها الغذائية والنكهة مقارنة بالأصناف المحلية.
وبيّن المصري أن الحفاظ على الأصناف التقليدية في الأردن يحمل العديد من المزايا، من أبرزها تعزيز السيادة الغذائية من خلال تقليل الاعتماد على البذور المستوردة، وحماية التراث الزراعي باعتبار أن هذه الأصناف تمثل جزءًا من الهوية الزراعية والثقافية الأردنية، مشيرًا أن هذه الأصناف تتوافق بدرجة عالية مع مبادئ الزراعة العضوية والمستدامة، وتعد بمثابة احتياطي وراثي استراتيجي يمكن الاعتماد عليه مستقبلًا في تطوير محاصيل قادرة على التأقلم مع ظروف التغير المناخي.
وفيما يتعلق بدور المشروع في تطوير سلالات مقاومة للجفاف أو الأمراض، أوضح المصري أن أدوات علم الوراثة الحديثة مثل الاختيار بمساعدة المؤشرات الجينية(Marker-Assisted Selection) أو تحليل تسلسل الجينوم(Genome Sequencing) تتيح إمكانية تحديد الجينات المسؤولة عن المقاومة وتحسينها، مؤكدًا أن عمليات التهجين الموجهة بين أصناف محلية تتمتع بقدرة عالية على التحمل وأخرى ذات إنتاجية عالية، تتطلب بنية تحتية بحثية متقدمة وفنيي مختبرات مختصين قادرين على تنفيذ هذه الأعمال على مدى سنوات قادمة.
وختم المصري حديثه بالتأكيد على أن النتيجة المتوقعة من هذا المشروع ستكون إنتاج سلالات جديدة من الخضار والفواكه والأعشاب الطازجة والطبية، تتميز بقدرتها على النمو في بيئات فقيرة بالتربة أو تحت أمطار قليلة، إلى جانب مقاومتها الطبيعية للآفات، ما من شأنه أن يقلل من تكلفة الإنتاج ويرفع من معدلات الأمن الغذائي في المملكة.