تتحكم عوامل عدة في تحديد اتجاه بوصلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجرى في نوفمبر المقبل، وفرص كل من جو بايدن ودونالد ترامب، في سباقهما نحو البيت الأبيض.
تعد الانتخابات القادمة في الولايات المتحدة أهم السباقات والاستحقاقات الانتخابية هذا العام، خاصة وأن المنافسة فيها بين رئيس سابق وآخر حالي، أيضاً تزامنها مع أحداث عالمية ساخنة وقضايا شائكة في الداخل.
تطل تلك الملفات برأسها كأساس مُحدد لاتجاهات الناخبين وتصويتهم في تلك الانتخابات، بالنظر إلى طبيعة سياسات وتعامل كل مرشح معها، لا سيما الملفات الداخلية المرتبطة بالوضع الاقتصادي في ظل تحديات واسعة تجابه المشهد العالمي والمنافسة حامية الوطيس مع الصين.
عوامل حسم
من جهته، استعرض مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات لـ«البيان»، بعض العوامل الأساسية التي من شأنها السيطرة على الانتخابات الأمريكية، مؤكداً أنها ستكون عوامل حسم لفوز أي من المرشحين المحتملين في تلك الانتخابات، ومنها الوضع الاقتصادي.
والذي تُرجح فيه كفة ترامب الذي ترك إرثاً إيجابياً بالنسبة للناخبين الذين يعتبرون أن الوضع الاقتصادي كان جيداً والشركات حققت نمواً كبيراً خلال فترة توليه، بينما بايدن.
فعلى الرغم من أن في عهده شهد الاقتصاد نمواً جيداً، كما حققت الأسهم مكاسب كبيرة، إلا أن الأمريكيين ما زالوا يكتوون بنار التضخم العالية التي أحرقت جيوبهم بسبب عوامل خارجية كان بايدن مشاركاً فيها مثل الحرب في أوكرانيا ومع فرض آلاف العقوبات على روسيا، ما أدى لارتفاع أسعار الطاقة وتضرر سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة الشحن، كذلك موقفه السلبي من حرب غزة ما أدى لتوترات الشرق الأوسط، خاصة تهديد الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، وهو ما أعطى أثراً سلبياً للناخب.
وذكر أن هناك فئة مؤثرة في نتائج الانتخابات الأمريكية، وهي فئة الشباب المحبط الآن من بايدن، والذي عادة ما يميل إلى الليبرالية وحقوق الإنسان والانفتاح على العالم، وسمع ذلك من حملة بايدن الانتخابية، لكنه وجد صورة معاكسة بعد موقف الرئيس من حرب غزة والحرب في أوكرانيا. وفيما يخص الملف الصيني، أفاد بأن بايدن يتفوق على ترامب في التعامل معه، لأنه «لطَّفَ الأجواء مع الصين»، بينما كان ترامب صدامياً ويستخدم الحرب التجارية وحرب الجمارك مع بكين، وهو ما أضر كثيراً بالشركات الأمريكية.
ملفات ساخنة
فيما أوضح المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، في تصريحات لـ«البيان» أن هناك عوامل أساسية تاريخياً يتبدل ترتيبها لتؤثر في مصير الانتخابات الأمريكية، علَّ أهمها اليوم هو الاقتصاد في ظل التضخم والتعافي من جائحة كورونا. وذكر أن الوضع الاقتصادي يهم المواطن الأمريكي خاصة في ظل ارتفاع التضخم وتراجع القوة الشرائية، وهو ما خلق حالة من القلق من المستقبل، فعلى سبيل المثال فقد عشرات الآلاف من الأمريكيين وظائفهم في كبرى شركات قطاع التكنولوجيا.
الملف الأمني
وبالنسبة للملف الأمني، أشار إلى أن هناك تذمراً لدى المواطن الأمريكي الذي أصبح يظن أن الوضع الأمني ليس على ما يرام، إضافة إلى ذلك أن القوة الأمريكية العالمية سواء عسكرية أو سياسية لم تعد كما كانت كقطب عالمي، مشدداً على أن هناك نقاشاً في الولايات المتحدة مستمر حول الحقوق الشخصية، والتي يستخدمها المرشحون للتأثير على الناخبين، أهمها قضية الإجهاض التي يهتم بها عدد كبير من الناخبين.
وعن نقاط الضعف لدى المرشحين المحتملين، فأوضح أن بايدن لا يحظى بشعبية واسعة، خاصة وأن الناخب يراه غير قادر على النهوض بالبلاد ولم يحقق إنجازات في السنوات الثلاث الماضية، ولم يتخذ القرارات اللازمة والضرورية تجاه بعض القضايا المهمة، كما أنه ليس لديه خطة واستراتيجية للنهوض بالبلاد.
على الجانب الآخر، ترامب وضعه في الماضي والحاضر «غريب على المجتمع الأمريكي» من حيث طريقته المختلفة عما يعتاد عليه المواطن وما يفضله من رزانة الرئيس واتزانه في قراراته، وهو ما يفتقده، بينما يرى البعض أن هذا ليس ضعفاً لكنها قوة تحتاجها شخصية الرئيس في هذا الوضع السياسي المتأزم عالمياً.
فيعتقدون بأن هناك ضرورة لوجود رئيس قوي حتى لو لم يكن متزناً في عالم يزداد تعقيداً. وأضاف: «هناك ارتباط ذهني لدى الأمريكيين بأن عودة ترامب إلى الرئاسة تعني عودة الاضطراب السياسي المزعج، وأيضاً مرتبط بالتصور الأمريكي لعودة الولايات المتحدة كقطب أساسي وأوحد في العالم».
ورأى أنه مازال مبكراً تحديد اتجاه الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن ترامب ينجح بشكل واضح في اجتذاب الناخب الأمريكي، فالأرقام كلها تصب في مصلحته، بينما بايدن في وضع سيئ ولم يعد أمامه وقت ليغير من الاتجاه العام للبلاد إن كان اقتصادياً أو أمنياً أو سياسياً وحتى اجتماعياً، وقلب الموازين، خاصة مع تزايد المشكلات الخارجية التي تؤثر بشكل سلبي على وضعه.