الأنباط - قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، إن الاقتصاد الأردني "متين" والسياسات التي اتخذتها الحكومة أسهمت في حمايته، مرجحا أن يبلغ أن النمو الاقتصادي الأردني للعام الحالي عند 2.6%.
وأضاف في تصريحات لفضائية "المملكة" الخميس، أن الحكومة الأردنية تمكّنت من تنفيذ الإصلاحات والإجراءات اللازمة؛ مما عزز مستوى الثقة لدى المستثمرين والأسواق المالية ولدى داعمي الأردن أيضا لرفع الاهتمام ومستويات الدعم للأردن.
أزعور، توقع أن يشهد العام المقبل تحسنا في مستويات النمو لدى الأردن بنسبة نمو تصل إلى قرابة 3%، رغم "التأثير المحدود" لتداعيات الحرب على غزة على اقتصاد الأردن "نظرا للتماس مع الأزمة الفلسطينية".
وأكد على أنه مما لا شك فيه أن الحرب على غزة "ترخي بظلالها" على اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولها تأثير مباشر بشكل خاص على الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات الدول المجاورة.
وعلى صعيد التضخم، أكد على أن الأردن من الدول التي اتخذت الإجراءات اللازمة للثبات عند مستويات تضخم منخفضة جدا مقارنة باقتصادات مماثلة؛ أي بنحو 2% بعد أن كانت العام الماضي قرابة 2.2%.
وتوقع أزعور أن تستقر معدلات التضخم في الأردن للعام الحالي عند 2.5-2.7% "نتيجة السياسات التي يعتمدها البنك المركزي الأردني" فيما رجح أن يعاود الانخفاض إلى 2.4% في العام 2025.
- برنامج ناجح حافظ على النمو -
وعن البرنامج الجديد بين صندوق النقد الدولي والحكومة، قال، إن برنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي يمتد للسنوات الأربع المقبلة بقيمة إجمالية تصل إلى 1,2 مليار دولار "صُمّم قبل الحرب على غزة" وهو "مبني على استراتيجية المملكة الأردنية للتطور الاستراتيجي ولتنشيط الاقتصاد".
وأضاف أزعور أن هذا البرنامج يأتي لاستكمال برنامج سبقه كان ناجحا، وأسهم في المحافظة على مستويات النمو وتخفيض كافة المخاطر الاقتصادية من خلال تحسين مستويات التضخم، والتحسن التدريجي في المالية العامة.
وأشار إلى أن البرنامج الجديد يهدف لمساعدة الأردن خلال المرحلة المقبلة للعمل على "توسيع حجم" الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل ورفع مستويات النمو وخلق فرص عمل والمحافظة على الاستقرار المالي.
وشدد أزعور على أن الاستقرار المالي أو استقرار الأسعار "مهم حاليا" نظرا للتقلبات وللمخاطر وحالة عدم اليقين الني يعيشها العالم حاليا وتؤثر على دول عديدة في المنطقة.
وأوضح أن البرنامج السابق بين الأردن والصندوق "كان أيضا في ظروف صعبة، وفي ظروف بروز مرحلة جائحة كورونا مع صدمات عديدة مثل الحرب على أوكرانيا وتأثيرها على الحركة الاقتصادية وعلى الأسعار وارتفاع مستويات التضخم".
وأضاف أنه "بالرغم من هذه الأمور، تمكنت الحكومة الأردنية من تنفيذ الإصلاحات والإجراءات اللازمة، مما عزز مستوى الثقة لدى المستثمرين والأسواق المالية ولدى أيضا داعمي الأردن؛ لرفع الاهتمام ومستويات الدعم للأردن".
وأكد أزعور على أن هذا العنصر "إيجابي ويجب البناء عليه" موضحا أنه "على هذه القاعدة انطلق الصندوق بهذا البرنامج الأخير استنادا على البرنامج الحكومي واستراتيجيته في تعزيز الاستقرار من جهة، وتحسين أداء الاقتصاد ليكون رافدا أكبر للحركة الاقتصادية من جهة أخرى".
تأثيرات للحرب على غزة -
وقال أزعور، إن "للحرب على غزة تأثيرا أوسع يختلف بحسب اختلاف المناطق والقطاعات" موضحا أن "هذا التأثير يتضاعف؛ بسبب وجود حالة من عدم اليقين؛ وبسبب المخاطر التي لا تزال مرتفعة حاليا، والتطورات السياسية غير المعروفة في هذه المرحلة".
وأكد أن المنطقة تشهد حاليا نموا أو تطورات اقتصادية مختلفة بحسب المناطق؛ حيث إن دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة من النمو المستقر؛ بسبب تحسن تدريجي في القطاع غير النفطي.
وأشار إلى أن الدول الناشئة والدول متوسطة الدخل شهدت "تراجعا" في توقعات النمو للعام الحالي؛ بسبب تأثير وتداعيات الحرب في غزة على دول الجوار في الدرجة الأولى، مؤكدا على أن ارتفاع مستويات الديون وارتفاع مستويات التضخم "يشكلان عنصري ضغط" على اقتصادات دول المنطقة للعام الحالي.
وعن إمكانية إطلاق أداة تمويل سريع من الصندوق لدعم دول متضررة من تداعيات الحرب، بين أزعور أن الدعم قائم ولدى الدول المجاورة لفلسطين برامج قائمة وأخرى قيد الدراسة، موضحا أن "لكل نوع صدمات طريقة خاصة في المعالجة".
وأضاف أن "لدى مصر برنامجا جديدا أطلق مؤخرا، وجرت المراجعة الأولى بشأنه، فيما جرى إقرار برنامج آخر مع الأردن مطلع هذا العام الحالي بعد أن كان يتم العمل عليه قبل حرب غزة".
"بالنسبة لدول أخرى كالمغرب وغيرها؛ هناك
"بالنسبة لدول أخرى كالمغرب وغيرها؛ هناك برامج قائمة، وهناك دول ليست بحاجة إلى تمويل مثل العراق، إضافة إلى دول أوضاعها الاقتصادية أو أوضاعها المالية اليوم في وضع استثنائي مثل سوريا أو لبنان" وفق أزعور، الذي قال، إن "هناك اتفاقا مبدئيا مع لبنان خلال العام 2021، وبانتظار استكمال تطبيق بعض الإجراءات الأساسية".
وأشار إلى أن "نوعية الصدمة الحالية مختلفة، وتأثيرها على اقتصادات المنطقة مختلفة" مشددا على أن الصندوق ملتزم بدعم جميع الدول التي تحتاج إلى مساعدة.
- "إجراءات صارمة" لضبط التضخم -
وعن التدابير التي يوصي بها صندوق النقد لضبط التضخم في ظل أسعار فائدة مرتفعة، قال أزعور، إن الأعوام الماضية شهدت "إجراءات صارمة" من الاقتصادات الكبرى عالميا واقتصادات المنطقة لمعالجة مشكلة التضخم، موضحا أن مستويات التضخم ستشهد ابتداء من العام الحالي "تراجعا" وهذا الأمر جيد باستثناء بعض الدول مثل السودان ومصر وإيران.
وأضاف أنه "سيكون هناك تراجع في مستويات ارتفاع الأسعار، ومستويات التضخم، بنحو 10% في العام 2024، إذا استثنينا هذه الدول، وستنخفض على نحو 7-8% في العام المقبل".
وأوضح أزعور أنه "مما لا شك فيه أن هذه التوقعات تبقى رهن عنصرين أساسيين؛ وهما تأثير أي تطور جيوسياسي على أسعار النفط وانعكاساته على الكلف، واستمرار دول المنطقة بانتهاج السياسات المالية المحافظة والسياسات النقدية المنضبطة التي ساهمت بالعمل على تخفيض مستويات التضخم".
الصندوق الدولي، أشار في تقرير توقعاته الاقتصادية العالمية، إلى أن النشاط الاقتصادي العالمي بقي صامدا على نحو "مثير للدهشة" طوال فترة تباطؤ معدل التضخم العالمي في 2022-2023.
وأكد أنه "مع تراجع التضخم العالمي من مستوى ذروته التي بلغها في منتصف عام 2022، شهد النشاط الاقتصادي نموا مطردا، مخالفا بذلك التحذيرات من حدوث ركود تضخمي وركود عالمي" وفق تقرير للصندوق
وتشير التوقعات إلى أن النمو العالمي، الذي قدر بنسبة 3.2% في العام الماضي سيستمر بالوتيرة نفسها في عامي 2024 و2025، وقد رفعت التنبؤات لعام 2024 مقدار 0.1 نقطة مئوية عما ورد في تقرير كانون الثاني الماضي عن مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، و0.3 نقطة مئوية عن عدد تشرين الأول 2023 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.