"الأراضي" تطلق غدا خدمة الاعتراض الإلكتروني على القيمة الإدارية الملك يهنئ الرئيس المصري بذكرى ثورة 23 تموز "عائلة سيمبسون".. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس "سجل الأحزاب في المستقلة للانتخاب" يُعلن أسماء التحالفات الحزبية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة مندوبا عن الملك وولي العهد..العيسوي يشارك في تشييع جثمان فهد العموش رواية السراديب "رواية الصحراء" اختتام فعاليات معرض الطيران الدولي Air Tattoo تكاملية الأحزاب والعشائر الأردنية لترسيخ النهج الديموقراطي. مدير عام " الشؤون الفلسطينية " يفتتح نادي الروبتكس في مخيم البقعة وهم القيد . مدير الأمن العام يزور فريق البحث والإنقاذ الدولي، والمركز الإقليمي للحماية المدنية 37 شهيدا و120 جريحا في مجازر بخانيونس بورصة عمان تغلق تداولاتها على انخفاض طعن مستوطنين قرب مستوطنة "سديروت" في غلاف غزة الاحتلال يهدم منزلين بقرية "الولجة" في الضفة الغربية الشمالي: الحكومة عززت مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأعلى للسكان يطلق ورقتي سياسات حول الولادات القيصرية والمنشطات اليونيسف: 250% زيادة في عدد الأطفال الشهداء بالضفة منذ 7 تشرين الأول شركة المناشركة المناصير للباطون الجاهز تحصل على جائزة الضمان الاجتماعي للتميز في الصحة والسلامة المهنية لدورة 2022/2023 تسليم مساكن مجهزة بالكامل لـ 13 أسرة بجرش ضمن المبادرة الملكية لإسكان الأسر العفيفة
كتّاب الأنباط

الجامد والجاحد واللامبالي ...

{clean_title}
الأنباط - إبراهيم أبوحويله ...


ان السياسة الشرعية تتغير بتغير أهل الحل والعقد ، فعندما كتب الماوردي الأحكام السلطانية كان الشيعة قد استولو على الحكم وكانت الخلافة العباسية مجردة من كل شيء ، وكان الحكم للمستبد الغالب ، فنظر الماوردي فيما يُصلح الأمة ويصلح للأمة فجاءت أحكامه غير متفقة مع فترات كانت فيها الغلبة للخلافة .

وقفت هنا وأردت أن أقول الخلافة العادلة والتي كان تحقق معظمها في أزمان مثل الخلافة الراشدة والنبوة ، وتحقق وبعضها في أزمان أخرى ، ولكني أدرك تماما من حجم ما اطلعت عليه من هذا التاريخ الذي ملأ مئات بل ألاف بل مئات ألاف من الصفحات ، بأن العدالة كانت دائما مطمحا ومطمعا ولم تتحقق كلا على هذه الأرض ، بل كانت هناك أجزاء وأيام وبعض من العدل ، فهناك ازمان تجاوز الظلم حده ، وما زمن الحجاج وامثاله بغريبة ولا بعيدة عن التحقيق والذاكرة والدرس والدراسة ، نعم كانت الغلبة لأمر الإسلام في المجمل ، ولكن هذا المجمل إذا أردت أن تخوض في تفاصيله ، رأيت الكثير الذي يحتاج إلى التحقيق .

أقول هذا الكلام لأني أريد من الجميع أن يعلم بأن العدل المطلق لم يكن في يوم قائم على هذه الأرض ، وليس هذا مطلوبا هنا وهذا متعلق بمنطق الإمتحان والابتلاء { وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ } ، فلا يستقيم ان تكون الارض للامتحان والتمايز بين البشر، وان تكون هناك سلطة تفرض عدالة مطلقة بين البشر ، بل لا بد من السعي لتحقيق هذه المفاهيم ، مع ما يرافق السعي من اصابة وخطأ وانحراف ونكران .

نعم نسعى للعدل بكل ما نملك من قوة وندافع عنه بكل الوسائل ، ولكنه لم يكن يوم قائم بكليته هنا ، ولذلك كان المقصد الأعظم للشريعة هو جلب المصالح ما إستطعنا إلى ذلك سبيلا ، ودرء المفاسد ما إستطعنا إلى ذلك سبيلا ، وهنا تتضح الرؤية لمن يسعى لها بأن العدالة على هذه الأرض منقوصة ولكن مع ذلك يجب أن نسعى إليها .

ومع هذا إذا كثر الخبث وزاد الظلم وإنتشر ، عندها قد يقع المحذور بأن نهلك جميعا بعقاب أو خسف أو غيره ، كما في حديث زينب في الصحيحين وعندها قالت زينب بنت جحش لرسول الله صل الله عليه وسلم ( أنهلك وفينا الصالحون ) قال (نعم إذا كثر الخبث ) نعم إذا كثر الخبث .

كان شكيب أرسلان الدرزي الذي إتبع مدرسة الإمام محمد عبده وسعى لإصلاح حال الأمة يخشى من هذه الثلاث ، الجاحد والجامد واللامبالي .

لقد إختصرت هذه المصطلحات التي أطلقها شكيب أرسلان كما كبيرا ، نعم بين من يريد أن يطبق الدين بدون فهم لمقاصده وأهدافه ، وبدون معرفة للطبيعة الإنسانية والعصر وما يحتاج كل منهما ، فيسعى لإعادة صورة عشقها ورأى فيها عدلا ونموذجا يحتذى ، فهو يريدها كما هي بلا زيادة ولا نقصان .

ولم يدرك أن الفقه أصول وأن الدين مقاصد ، وأن ما يصلح لزمان لا يصلح لأخر وما يصلح لمنطقة لا يصلح لأخرى وما يصلح لفئة التجار لا يصلح لفئة الفقهاء .

فالبعض يرى الامة تسير في طريق الهلاك والتراجع ويرى الفساد ، ويعلم أثر هذا الإنحراف الأخلاقي والمالي والإجتماعي والديني على الأمة ويسكت.

كأن الموضوع لا يخصه من قريب ولا بعيد ، نحن هنا لا نتكلم عن تلك الأمور التي تحتمل الخلاف ولا هي محل الإجتهاد .

ونتكلم عن انحراف فكري عقدي مثلا ، البعض يحمل فكرا هداما او لا يصلح للبناء والاجتماع على أساسه، ولن يكون قيام المجتمع والحضارة ممكنا بوجوده ، فهو يكفر هذا او يفسق ذاك او يصنف على اساس جماعته وفهمه، فهذا موال للكفار وذلك طاغية ، مع انه لو اطلع على التاريخ بحق لرأى ما فعل من يظن هو ظنا أنهم ولاة أمر وليسوا طغاة ، وهذا ليس مبرر للسكوت على الظلم الواضح ، ومحاربة للضلال وأهله ، ولكن دعوة للتريث والتمييزعلى أساس ديني علمي ، ولو نظرت إلى ما حدث في التاريخ الإسلامي نظرة محقق وباحث لأدركت حجم التجاوزات في التاريخ من أهل التاريخ ، وما حدث في الثورات الخمس في فجر الاسلام دليل على ذلك .

ولذلك لا بد من عودة قوية على كثير من المفاهيم وتصويبها لانها من عوامل الهدم في الامة .

وهناك انحراف مالي وسرقة ورشوة ووضع للمال في غير مكانه الصحيح المتفق على صحته والمجمع عليه وليس من قبيل الإشاعة والتهمة .

وتلك الأخلاق التي تؤثر على المجتمع من غش وكذب وظلم وتجاوز في الحقوق وسكوت على الباطل واهله والظلم بأنواعه .

تلك الأخلاق التي تؤثر على الأمة وعلى تقدم الأمة وعلى إستقرار الأمة هي من أسباب الفشل الذي نعيشه اليوم .

وما بلينا به في هذا الزمن من تلك الفئة التي تأخذ الدين على أنه لباس معين ودور عبادة معينة وجماعة معينة واشخاص معينون ، فمن هو منهم ومعهم فهم أهل الحق وخاصته وهؤلاء لهم ميزان يختلف قي الحكم والمعاملة ، ويفعل في حياته ما يشاء بعد ذلك ولا اعمم طبعا ولكن هناك ظاهرة ظاهرة في التصنيف والمعاملة ، فهو يحمل شهادة من حزبه وجماعته وبراءة منهم ، وتجد بعضهم بلا أخلاق تعاملية ولا ذمة ولا ضميرا ونتكلم عن فئة محدودة طبعا فتنتشر صور سلبية عن الدين والمتدينين ، هذا وأمثاله أماتوا الدين على الأمة وفي الأمة .

وبين من يرى بأن الماضي كله ماض ويجب تجاوزه إلى غيره ، جحود كامل لكل ما يتصل بالدين .

ويا ليت هذا وأمثاله لديهم القدرة والعقل والحكمة ليخرجوا لنا منهجا تسير عليه البشرية .

ولكنه شذرات أفكار وبعض النظريات وقليل من الثقافة العابرة للزمن والتي لم تصلح في زمانها ولا مكانها حتى تكون لنا منهجا .

فكل من إطلع على التاريخ يدرك حجم معاناة البشر من البشر ومن هذه المناهج التي تحمل نظريات قاصرة .

ولا تَصلح ولا تُصلح ، وما الشيوعية ولا الرأسمالية ولا امبريالية ولا تبعية للغرب ولا الشرق ، ببعيد عن هذا بل هي إمتداد لهذا الجهد البشري الذي يجحد بما بين يديه ثم يريد بعد ذلك أن يبدع منهجا ، فلا بقي غرابا ولا أصبح طاوسا .

وبين اللامبالي والجاحد والجامد ضاعت أمة.