كتّاب الأنباط

المصلي الأنيق ...

{clean_title}
الأنباط -

تجذبك بعض التصرفات تجد نفسك مدفوعا للنظر إليها وتقدير وإحترام من يقوم بها ، البعض تجده يبحث في كل السبل حتى يكون أنيقا في حركته وتصرفه وقوله وكل ما يتعلق به .

صاحبنا هو من هذه الفئة إنتبهت إليه في أكثر من مناسبة فهو يحرص على أن يركن سيارته بعيدا ويحمل معه ذلك النوع من الكراسي الذي يصبح على هيئة عكاز صغير لطيف لا يأخذ مساحة ، يقف في صفه بشكل عادي وكأنه مصلي من أولئك الذين يستطيعون القيام والجلوس والركوع ، يضع هذا الكرسي الصغير بين قدمه ويجلس عليه بدون أن يشكل حرجا لمن خلفه ولا من هم بجانبه ، ولا يأخذ مساحة كبيرة بحيث يظهر وكأنه جالس مرتاح على كرسي من الحجم الكبير وكأنه في بيته ، ذلك النوع الذي يزعج من بجانبه ومن خلفه ويأخذ مساحة كبيرة .

تراقب البعض وتجده يحرص عند القدوم إلى المسجد أن يكون أنيقا ليس متكلفا ولا مبذرا ، وبرائحة طيبة وكأنه في موعد مهم ، فقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم يحب الطيب ويأمر به ، وحدث أن وجد لعباءة من الصوف رائحة فألقاها كما صح من حديث عائشة رضي الله عنها ، ولا يأتيك مباشرة من سريره بهيئته ولباسه ، وكأنه لم يدرك تماما معنى خذوا زينتكم عند كل مسجد .

وترى البعض حتى عندما يصطحب إبنه يجلسه بجانبه ويحرص على عدم إزعاج الأخرين ، ويحرص على حركته وتصرفاته وكلامه ، وإذا مل الطفل أو تعب أجلسه بجانبه وأعطاه ما يكف به إزعاجه عن المصلين ولا يسبب تشويشا ولا صوتا يزعج من حوله ، نعم يجب أن يعتاد الأطفال على المساجد ويجب أن تكون المساجد أماكن مهيئة للأطفال والنساء والرجال ويوجد بها أماكن إصطفاف ، وهذا ما يحدث في بعض الدول الغربية ، بحيث يتم تجهيز مراكز وليس مساجد تستوعب كل هذه الأعداد والنشاطات والحركة ، وفيها متنفس مريح للعلب والحركة ، ويتم توظيف الشباب والشابات لهذا الغرض بطريقة منظمة ومدروسة وآمنة ، وحبذا لو تم توجيه البعض لمثل هذه النشاطات .

يستطيع المسلم في كل حركة من حركات حياته أن يكون أنيقا ،وله على ذلك أجرا ، فنحن مأمرون بهذا ، إذا جلست في الطريق فأعط الطريق حقه وغض البصر وكف الآذى عن الناس ودل السائل ، ذلك الجلوس الذي نفتقده في شوارعنا ، ولا نعلمه لأبنائنا ، فنجد الأصوات المرتفعة والمسبات الجارحة ، وعدم الحرص على النظافة ببعديها السلوكي والمادي ، فيصبح الشارع قذرا ببعدين للإسف .

لفت نظرنا جميعا ذلك المجاهد الإنيق والذي ندعو له ولإخوانه في هذا الشهر الفضيل بالنصر والتمكين على عدونا وعدوهم ، وليس فقط المصلي الأنيق والصائم الأنيق ، يجب أن تكون الأناقة الرفيق الدائم للمسلم ، لا شيء يرفع درجات المرء كحسن الخلق كما في الحديث الذي صححه الألباني بحيث يبلغ بحسن الخلق درجات القائم الصائم.

وتجد البعض يحرص فعلا على كل تلك الأفعال التي ترفع درجته عند خالقه ، وتجعل عمله في أفضل صورة ، فهو بقدومه إلى المسجد يكون حريصا على هندامه وعلى رائحته وعلى مأكله ومشربه كما في الحديث من أكل ثوما أو بصلا فلا يقربن مصلانا والحديث صحيح ، وبحيث طبعا لا يعطي من حوله دفعة من تلك الروائح المثقلة بما ملأ به بطنه.

إن الله جميل يحب الجمال كما في حديث مسلم ، ولم يخلق الله شيئا إلا في أجمل صورة ، نعم قد تكون الصورة الجميلة غير مرتبطة بالهدف فهذا الطير وتلك الوردة وحتى الخيل والجمال فيها من بديع الصنعة والجمال ما فيها ، الله خلق الخلق بصورة جميلة ، فأبدع صورها وشكلها ورائحتها وحفنا بالنعم ظاهرة وباطنة .

والله جعلك خليفة في الأرض ، لتكون قائما بأمره ساعيا بنهجه ، سائرا على تلك الدورب التي خطها لك ، وأمرك بالتفكر فيها والنظر فيها والعمل على صورتها ، بل وأمرك كما سبق بأن تكون في صورة الخليفة في قولك وهيئتك وتصرفك .

تقبل الله منكم القيام والصيام .

إبراهيم أبو حويله ...
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )