الأنباط -
-----------------
علي حسن شعثان
باحث وكاتب يمني
رئيس منتدى العُلا للدراسات
------------------
الصوم مناسبة مكتوبة في جميع الأديان السماوية السابقة للإسلام «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» إلّا إنه ليس مُرّتبط بشهر رمضان الموافق التاسع من أشهرّ التقويم الهجري والذي كان في ما قبل يُعرف بـشهر «ناتق» وهو أحد الأركان الخمسة للعقيدة الإسلامية ( الشهادتان - إقام الصلاة - إيتاء الزكاة - صوم رمضان - حج البيت للمُستطاع )، سنوي الأداء على كل نفس بالغة سليمة عاقلة لها من الإقتدار حتمية الوجوب، ومن لم يستطيع لضرفاً صحي او أمر ناتج كالسفر ومشاقه فعليه القضاء فيما بعد و إن لم يقتدر فعليه فدية، والصوم جزيل الثواب لمن تطوع به في خلاف الشهر الرمضاني بإستثناء يومي عيد الفطر وعيد الاضحى بحيث لا يجوز فيهما الصوم ، وقد سُنّت الشريعة الإسلامية وخصوصاً قبل العيد بالتحديد زكاة ما تُعرف بالفطرة على كل نفس مقتدرة الدفع كميزة تعاونية مُلزمة بمقتضاها يُسعد الفقراء وتعمّ الفرحة كل شرائح المجتمع جُنباً إلى فريضة الزكاة التي هي مُلزمة على كامل المُمتلكات التجارية بالغة النصاب ومن مُختلف الأصناف ، و لفضيلة الشهر فإن فيه أنزل اللّه تعالى القرآن الكريم مُجملً كأمر إلاهي «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» وبالذات في ليلة مُباركة «إنّا أنزلناه في ليلة القدر» و على رسول الرحمة تنزّل مُتفرّق السور «وقرآن فرّقناه» وفق معاني العبودية والتشريع وذكر بعضً مماحدث في السابق للعبرة و الإتعاض ، وهو - أي شهر رمضان - يُعتبرّ في حد الذات كمحطة تزوّد الفرد بخصائص وقيم التقوى الإيماني « وتزودوا فإن خير الزاد التقوى » الذي هي في التعليل زاد أخروي شبيهة بزاد الدنيا حال السفر و إسمه يعود من حيث المدلول اللغوي إلى الجذر ( ر م ض ) المفصح عن معنى الحدّة في الحر الذي منه يفهم ان الصائم يرمض في هذا الشهر ويصيب الحر جوفه من شده العطش ، وفي القاموس يقال ان اسم رمضان وضعه العرب نسبه الى احوال الطقس المصاحبه لهذا الشهر كما وضعوا مسميات اخرى لاشهر اخرى متصلة بموسمها كموسم الندى والمطر الذي منه سمي شهري الربيع .
و الصوم هنا رديف للصيام من حيث المسمّى وقد يختلف من حيث المعاني فنجد أن لفظ "صيام" يزيد في مبناه (فِعال) على لفظ "صوم" (فَعْل)، وبموازاة ذلك فإنّ الدلالة الشرعية التي أعطاها الله لفريضة "الصيام" تزيد في المعنى على ما يدلّ عليه لفظ الصوم لغويّا، فالصوم إمساكٌ عن شيء مخصوص، أما الصيام فهو هذه الأحكام التي تشكّل مجتمعةً فريضة الصيام وجعله الله سبحانه وتعالى كفارة لما قد يقترفه الانسان من اخطاء ليست بالجسيمة وغير مقصودة بحيث أشارت في ذلك آية لخصوص الحج بمفاد أنه الزائد في الأقوال الحسنة والأعمال الصالحة إجمالاً والتي لم يكتنفها الأخطاء بدلالة الثبات والمداومة على ذلك والمقرّب إلى حقيقة التقوى وقد وعدالله المتقين بتيسير أمورهم: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)
ولأهمية التقوى وعناية الله عز وجل بتحقيق العباد لها وصى بها الأولين والآخرين وبيَّن ذلك في كتابه الكريم فقال: ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).